(
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=53nindex.php?page=treesubj&link=31746_31757_33679_28996وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=53وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا ) .
اعلم أن هذا هو النوع الرابع من دلائل التوحيد ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=53مرج البحرين ) أي خلاهما وأرسلهما ، يقال : مرجت الدابة إذا خليتها ترعى ، وأصل المرج الإرسال والخلط ، ومنه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=5فهم في أمر مريج ) [ق : 5] سمى الماءين الكبيرين الواسعين بحرين . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : مرج البحرين ، أي : أرسلهما في مجاريهما كما ترسل الخيل في المرج ، وهما يلتقيان ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=53هذا عذب فرات ) والمقصود من الفرات البليغ في العذوبة حتى يصير إلى الحلاوة ، والأجاج نقيضه ، وأنه سبحانه بقدرته يفصل بينهما ويمنعهما التمازج ، وجعل من عظيم اقتداره برزخا حائلا من قدرته . وههنا سؤالات :
السؤال الأول : ما معنى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=53وحجرا محجورا ) ؟ الجواب : هي الكلمة التي يقولها المتعوذ وقد فسرناها ، وهي ههنا واقعة على سبيل المجاز ، كأن كل واحد من البحرين يتعوذ من صاحبه ويقول له حجرا محجورا ، كما قال : ( لا يبغيان ) [الرحمن : 20] أي : لا يبغي أحدهما على صاحبه بالممازجة ، فانتفاء البغي كالتعوذ ، وههنا جعل كل واحد منهما في صورة الباغي على صاحبه ، فهو يتعوذ منه ، وهي من أحسن الاستعارات .
[ ص: 88 ] السؤال الثاني : لا وجود للبحر العذب ، فكيف ذكره الله تعالى ههنا ؟ لا يقال : هذا مدفوع من وجهين :
الأول : أن المراد منه الأودية العظام كالنيل وجيحون .
الثاني : لعله جعل في البحار موضعا يكون أحد جانبيه عذبا والآخر ملحا; لأنا نقول : أما الأول فضعيف ؛ لأن هذه الأودية ليس فيها ملح ، والبحار ليس فيها ماء عذب ، فلم يحصل البتة موضع التعجب ، وأما الثاني فضعيف ؛ لأن موضع الاستدلال لا بد وأن يكون معلوما ، فأما بمحض التجويز فلا يحسن الاستدلال ؛ لأنا نقول : المراد من البحر العذب هذه الأودية ، ومن الأجاج البحار الكبار . وجعل بينهما برزخا ، أي : حائلا من الأرض . ووجه الاستدلال ههنا بين ؛ لأن العذوبة والملوحة إن كانت بسبب طبيعة الأرض أو الماء ، فلا بد من الاستواء ، وإن لم يكن كذلك فلا بد من قادر حكيم يخص كل واحد من الأجسام بصفة خاصة معينة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=53nindex.php?page=treesubj&link=31746_31757_33679_28996وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=53وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا ) .
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا هُوَ النوع الرَّابِعُ مِنْ دَلَائِلَ التَّوْحِيدِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=53مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ ) أَيْ خَلَّاهُمَا وَأَرْسَلَهُمَا ، يُقَالُ : مَرَجْتُ الدَّابَّةَ إِذَا خَلَّيْتَهَا تَرْعَى ، وَأَصْلُ الْمَرَجِ الْإِرْسَالُ وَالْخَلْطُ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=5فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ) [ق : 5] سَمَّى الْمَاءَيْنِ الْكَبِيرَيْنِ الْوَاسِعَيْنِ بَحْرَيْنِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ ، أَيْ : أَرْسَلَهُمَا فِي مَجَارِيهِمَا كَمَا تُرْسَلُ الْخَيْلُ فِي الْمَرْجِ ، وَهُمَا يَلْتَقِيَانِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=53هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ ) وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْفُرَاتِ الْبَلِيغُ فِي الْعُذُوبَةِ حَتَّى يَصِيرَ إِلَى الْحَلَاوَةِ ، وَالْأُجَاجُ نَقِيضُهُ ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ بِقُدْرَتِهِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا وَيَمْنَعُهُمَا التَّمَازُجَ ، وَجَعَلَ مِنْ عَظِيمِ اقْتِدَارِهِ بَرْزَخًا حَائِلًا مِنْ قُدْرَتِهِ . وَهَهُنَا سُؤَالَاتٌ :
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ : مَا مَعْنَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=53وَحِجْرًا مَحْجُورًا ) ؟ الْجَوَابُ : هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي يَقُولُهَا الْمُتَعَوِّذُ وَقَدْ فَسَّرْنَاهَا ، وَهِيَ هَهُنَا وَاقِعَةٌ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ ، كَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ يَتَعَوَّذُ مِنْ صَاحِبِهِ وَيَقُولُ لَهُ حِجْرًا مَحْجُورًا ، كَمَا قَالَ : ( لَا يَبْغِيَانِ ) [الرَّحْمَنِ : 20] أَيْ : لَا يَبْغِي أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالْمُمَازَجَةِ ، فَانْتِفَاءُ الْبَغْيِ كَالتَّعَوُّذِ ، وَهَهُنَا جَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي صُورَةِ الْبَاغِي عَلَى صَاحِبِهِ ، فَهُوَ يَتَعَوَّذُ مِنْهُ ، وَهِيَ مِنْ أَحْسَنِ الِاسْتِعَارَاتِ .
[ ص: 88 ] السُّؤَالُ الثَّانِي : لَا وُجُودَ لِلْبَحْرِ الْعَذْبِ ، فَكَيْفَ ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى هَهُنَا ؟ لَا يُقَالُ : هَذَا مَدْفُوعٌ مِنْ وَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْأَوْدِيَةُ الْعِظَامُ كَالنِّيلِ وَجَيْحُونَ .
الثَّانِي : لَعَلَّهُ جَعَلَ فِي الْبِحَارِ مَوْضِعًا يَكُونُ أَحَدُ جَانِبَيْهِ عَذْبًا وَالْآخَرُ مِلْحًا; لِأَنَّا نَقُولُ : أَمَّا الْأَوَّلُ فَضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَوْدِيَةَ لَيْسَ فِيهَا مِلْحٌ ، وَالْبِحَارُ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ عَذْبٌ ، فَلَمْ يَحْصُلِ الْبَتَّةَ مَوْضِعُ التَّعَجُّبِ ، وَأَمَّا الثَّانِي فَضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَ الِاسْتِدْلَالِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا ، فَأَمَّا بِمَحْضِ التَّجْوِيزِ فَلَا يَحْسُنُ الِاسْتِدْلَالُ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ : الْمُرَادُ مِنَ الْبَحْرِ الْعَذْبِ هَذِهِ الْأَوْدِيَةُ ، وَمِنَ الْأُجَاجِ الْبِحَارُ الْكِبَارُ . وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا ، أَيْ : حَائِلًا مِنَ الْأَرْضِ . وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ هَهُنَا بَيِّنٌ ؛ لِأَنَّ الْعُذُوبَةَ وَالْمُلُوحَةَ إِنْ كَانَتْ بِسَبَبِ طَبِيعَةِ الْأَرْضِ أَوِ الْمَاءِ ، فَلَا بُدَّ مِنَ الِاسْتِوَاءِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ قَادِرٍ حَكِيمٍ يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَجْسَامِ بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ مُعَيَّنَةٍ .