الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 372 ] فارغة [ ص: 373 ] الباب العاشر

                                                                                                                في العمرة

                                                                                                                والعمرة في اللغة : الزيارة ، اعتمر فلان فلانا إذا زاره ، وفي الشرع : زيارة مخصوصة للبيت ، وفي ( الموطأ ) ، قال عليه السلام : ( العمرة للعمرة كفارة لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) وفيه : ( جاءت امرأة إليه عليه السلام فقالت : إني تجهزت للحج فاعترض لي ، فقال لها عليه السلام : اعتمري في رمضان ; فإن عمرة فيه كحجة ) ، قال سند : والعمرة عند مالك و ( ح ) سنة ، وعند ابن حبيب واجبة ، وعند ( ش ) قولان ، حجة الأول : قوله عليه السلام : ( بني الإسلام على خمس ) فذكر الحج ولم يذكر العمرة ، ويروى عنه عليه السلام : ( الحج جهاد ، والعمرة تطوع ) ؛ ولأنها غير مؤقتة فلا تجب كطواف التطوع ، وحجة الثاني قوله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) [ البقرة 196 ] والأمر للوجوب ، وروي عنه عليه السلام : ( الحج والعمرة فريضتان ) وقياسا على [ ص: 374 ] الحج ، والجواب عن الأول : القول بالموجب ; لأنه يقتضي وجوب إتمامها ، ونحن نقول به إنما النزاع في الإنشاء ، وعن الثاني أنه غير معروف ، وعن الثالث الفرق بالتوقيف ، وهو دليل اعتناء الشرع بالحج ، وتجوز في جميع السنة إذا لم يصادف أفعال الحج عند مالك و ( ش ) وابن حنبل ، وقال ( ح ) : تكره في خمسة أيام عرفة والنحر وأيام التشريق ، لقول عائشة رضي الله عنها : ( السنة كلها وقت للعمرة إلا خمسة أيام ) فذكرتها ، وجوابه : منع الصحة سلمناها لكن يحمل على المتلبس بالحج ، ولا يعتمر عند مالك إلا مرة ، واستحب مطرف و ( ش ) تكرارها ; لأن عليا - رضي الله عنه - كان يعتمر في كل يوم مرة ، وكان ابن عمر - رضي الله عنه - يعتمر في كل يوم من أيام ابن الزبير ، لنا : ما في ( الموطأ ) : أنه عليه السلام اعتمر ثلاثا عام الحديبية ، وعام القضية ، وعام الجعرانة ، إحداهن في شوال ، وثنتان في ذي القعدة ، وما رووه يحتمل القضاء ، فقد روي أن عائشة - رضي الله عنها - فرطت في العمرة سبع سنين فقضتها في عام واحد ، ولو كان ذلك مستحبا لفعله عليه السلام والأئمة بعده ، وإذا قلنا لا يعتمر إلا مرة فهل هي من الحج إلى الحج أو من المحرم إلى المحرم ؟ لمالك قولان ينبني عليهما الاعتمار بعد الحجة في ذي الحجة ثم في المحرم ، وفي ( الكتاب ) : تجوز العمرة في السنة كلها إلا للحاج يكره له الاعتمار حتى تغيب الشمس آخر أيام الرمي تعجل في يومين أم لا ، قال ابن القاسم : فإن أحرم بعمرة في أيام الرمي لم تلزمه ، والعمرة في السنة مرة واحدة ، فإن اعتمر بعدها لزمته كانت الأولى في أشهر الحج أم لا ، أراد الحج من عامه أم لا ، قال سند : راعى مالك زمان الرمي في الاعتمار ، و ( ش ) الرمي نفسه ، لمالك : إن الاعتمار ممنوع في زمان الرمي ، والزمان وقت لا رمي فيكون الزمان معتبرا دون الرمي .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية