الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( باب الواو مع التاء )

                                                          ( وتر ) [ هـ ] فيه إن الله وتر يحب الوتر ، فأوتروا الوتر : الفرد ، وتكسر واوه وتفتح . فالله واحد في ذاته ، لا يقبل الانقسام والتجزئة ، واحد في صفاته ، فلا شبه له ولا مثل ، واحد في أفعاله ، فلا شريك له ولا معين .

                                                          و يحب الوتر : أي يثيب عليه ، ويقبله من عامله .

                                                          وقوله أوتروا أمر بصلاة الوتر ، وهو أن يصلي مثنى مثنى ثم يصلي في آخرها ركعة مفردة ، أو يضيفها إلى ما قبلها من الركعات .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث إذا استجمرت فأوتر أي اجعل الحجارة التي تستنجي بها فردا . إما واحدة ، أو ثلاثا ، أو خمسا . وقد تكرر ذكره في الحديث .

                                                          [ ص: 148 ] ومنه حديث الدعاء ألف جمعهم وأوتر بين ميرهم أي لا تقطع الميرة عنهم ، واجعلها تصل إليهم مرة بعد مرة .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث أبي هريرة لا بأس أن يواتر قضاء رمضان أي يفرقه ، فيصوم يوما ويفطر يوما ، ولا يلزمه التتابع فيه ، فيقضيه وترا وترا .

                                                          ( هـ ) وفي كتاب هشام إلى عامله " أن أصب لي ناقة مواترة " هي التي تضع قوائمها بالأرض وترا وترا عند البروك . ولا تزج نفسها زجا فيشق على راكبها . وكان بهشام فتق .

                                                          ( هـ ) وفيه من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله أي نقص . يقال : وترته ، إذا نقصته . فكأنك جعلته وترا بعد أن كان كثيرا .

                                                          وقيل : هو من الوتر : الجناية التي يجنيها الرجل على غيره ، من قتل أو نهب أو سبي . فشبه ما يلحق من فاتته صلاة العصر بمن قتل حميمه أو سلب أهله وماله .

                                                          ( و ) يروى بنصب الأهل ورفعه ، فمن نصب جعله مفعولا ثانيا لوتر ، وأضمر فيها مفعولا لم يسم فاعله عائدا إلى الذي فاتته الصلاة ، ومن رفع لم يضمر ، وأقام الأهل مقام ما لم يسم فاعله ، لأنهم المصابون المأخوذون ، فمن رد إلى الرجل نصبهما ، ومن رده إلى الأهل والمال رفعهما .

                                                          * ومنه حديث محمد بن مسلمة " أنا الموتور الثائر " أي صاحب الوتر ، الطالب بالثأر . والموتور : المفعول .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث قلدوا الخيل ولا تقلدوها الأوتار هي جمع وتر ، بالكسر ، وهي الجناية : أي لا تطلبوا عليها الأوتار التي وترتم بها في الجاهلية .

                                                          وقيل : هو جمع وتر القوس . وقد تقدم مبسوطا في حرف القاف .

                                                          ومن الأول حديث علي ، يصف أبا بكر " فأدركت أوتار ما طلبوا " .

                                                          [ ص: 149 ] ( س ) وحديث عبد الرحمن في الشورى " لا تغمدوا السيوف عن أعدائكم فتوتروا ثأركم " قال الأزهري : هو من الوتر . يقال : وترت فلانا ، إذا أصبته بوتر ، وأوترته : أوجدته ذلك . والثأر هاهنا : العدو ; لأنه موضع الثأر . المعنى لا توجدوا عدوكم الوتر في أنفسكم .

                                                          * وحديث الأحنف " إنها لخيل لو كانوا يضربونها على الأوتار " .

                                                          ومن الثاني الحديث من عقد لحيته أو تقلد وترا كانوا يزعمون أن التقلد بالأوتار يرد العين ، ويدفع عنهم المكاره ، فنهوا عن ذلك .

                                                          ومنه الحديث أمر أن تقطع الأوتار من أعناق الخيل كانوا يقلدونها بها لأجل ذلك .

                                                          وفيه اعمل من وراء البحر فإن الله لن يترك من عملك شيئا أي لا ينقصك . يقال : وتره يتره ترة ، إذا نقصه .

                                                          ( س ) ومنه الحديث من جلس مجلسا لم يذكر الله فيه كان عليه ترة أي نقصا . والهاء فيه عوض من الواو المحذوفة . وقيل : أراد بالترة هاهنا التبعة .

                                                          ( هـ ) وفي حديث العباس " كان عمر لي جارا ، وكان يصوم النهار ويقوم الليل ، فلما ولي قلت : لأنظرن إلى عمله ، فلم يزل على وتيرة واحدة " أي طريقة واحدة مطردة يدوم عليها .

                                                          ( هـ ) وفي حديث زيد " في الوترة ثلث الدية " هي وترة الأنف الحاجزة بين المنخرين .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية