nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=29029_28802ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=15أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون هذه حالة أخرى من أحوال أهل النفاق هي توليهم
اليهود مع أنهم ليسوا من أهل ملتهم لأن المنافقين من أهل الشرك .
[ ص: 48 ] والجملة مستأنفة استئنافا ابتدائيا لأنها عود إلى الغرض الذي سبقت فيه آيات
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=5إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا بعد أن فصل بمستطردات كثيرة بعده .
والقوم الذين غضب الله عليهم هم
اليهود وقد عرفوا بما يرادف هذا الوصف في القرآن في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7غير المغضوب عليهم .
والاستفهام تعجيبي مثل قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=8ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى .
ووجه التعجيب من حالهم أنهم تولوا قوما من غير جنسهم وليسوا في دينهم ما حملهم على توليهم إلا اشتراك الفريقين في عداوة الإسلام والمسلمين .
وضمير ما هم يحتمل أن يعود إلى الذين تولوا وهم المنافقون فيكون جملة ما هم منكم ولا منهم حالا من الذين تولوا ، أي ما هم مسلمون ولا
يهود . ويجوز أن يعود الضمير إلى قوم وهم اليهود . فتكون جملة ما هم منكم صفة " قوما " ، قوما ليسوا مسلمين ولا مشركين بل هم
يهود .
وكذلك ضمير ولا منهم يحتمل الأمرين على التعاكس وكلا الاحتمالين واقع ، ومراد على طريقة الكلام الموجه تكثيرا للمعاني مع الإيجاز فيفيد التعجيب من حال المنافقين أن يتولوا قوما أجانب عنهم على قوم هم أيضا أجانب عنهم ، على أنهم إن كان يفرق بينهم وبين المسلمين اختلاف الدين فإن الذي يفرق بينهم وبين
اليهود اختلاف الدين واختلاف النسب لأن المنافقين من
أهل يثرب عرب ويفيد بالاحتمال الآخر الإخبار عن المنافقين بأن إسلامهم ليس صادقا ، أي ما هم منكم أيها المسلمون ، وهو المقصود ، ويكون قوله ولا منهم على هذا الاحتمال احتراسا وتتميما لحكاية حالهم ، وعلى هذا الاحتمال يكون ذم المنافقين أشد لأنه يدل على حماقتهم إذ جعلوا لهم أولياء من ليسوا على دينهم فهم لا يوثق بولايتهم وأضمروا بغض المسلمين فلم يصادفوا الدين الحق .
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14ويحلفون على الكذب عطف على تولوا وجيء به مضارعا للدلالة على تجدده ولاستحضار الحالة العجيبة في حين حلفهم على الكذب للتنصل مما فعلوه ، والكذب الخبر المخالف للواقع وهي الأخبار التي يخبرون بها عن أنفسهم في نفي ما يصدر منهم في جانب المسلمين .
[ ص: 49 ] وهم يعلمون جملة في موضع الحال ، وذلك أدخل في التعجيب لأنه أشنع من الحلف على الكذب لعدم التثبت في المحلوف عليه .
وأشار هذا إلى ما كان يحلفه المنافقون للنبيء - صلى الله عليه وسلم - وللمسلمين إذا كشف لهم بعض مكائدهم ، ومن ذلك قول الله تعالى فيهم
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ، وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=62يحلفون بالله لكم ليرضوكم وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=74يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ومقاتل : نزلت في
عبد الله بن أبي وعبد الله بن نبتل - بنون فباء موحدة فمثناة فوقية - كان أحدهما وهو
عبد الله بن نبتل يجالس النبيء - صلى الله عليه وسلم - ، ويرفع أخباره إلى
اليهود ويسب النبيء - صلى الله عليه وسلم - فإذا بلغ خبره أو أطلعه الله عليه جاء فاعتذر وأقسم إنه ما فعل .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=15إنهم ساء ما كانوا يعملون تعليل لإعداد العذاب لهم ، أي أنهم عملوا فيما مضى أعمالا سيئة متطاولة متكررة كما يؤذن بها المضارع من قوله يعملون .
وبين ( يعملون ) ، و ( يعلمون ) الجناس المقلوب قلب بعض .
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=29029_28802أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=15أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ هَذِهِ حَالَةٌ أُخْرَى مِنْ أَحْوَالِ أَهْلِ النِّفَاقِ هِيَ تُوَلِّيهِمُ
الْيَهُودَ مَعَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهَلِ مِلَّتِهِمْ لِأَنَّ الْمُنَافِقِينَ مِنْ أَهَلِ الشِّرْكِ .
[ ص: 48 ] وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا ابْتِدَائِيًّا لِأَنَّهَا عَوْدٌ إِلَى الْغَرَضِ الَّذِي سَبَقَتْ فِيهِ آيَاتُ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=5إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا بَعْدَ أَنْ فَصَلَ بِمُسْتَطْرَدَاتٍ كَثِيرَةٍ بَعْدَهُ .
وَالْقَوْمُ الَّذِينَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ هُمُ
الْيَهُودُ وَقَدْ عُرِفُوا بِمَا يُرَادِفُ هَذَا الْوَصْفَ فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ .
وَالِاسْتِفْهَامُ تَعْجِيبِيٌّ مِثْلُ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=8أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى .
وَوَجْهُ التَّعْجِيبِ مِنْ حَالِهِمْ أَنَّهُمْ تَوَلَّوْا قَوْمًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِمْ وَلَيْسُوا فِي دِينِهِمْ مَا حَمَلَهُمْ عَلَى تَوَلِّيهِمْ إِلَّا اشْتِرَاكُ الْفَرِيقَيْنِ فِي عَدَاوَةِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ .
وَضَمِيرُ مَا هُمْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَعُودَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا وَهُمُ الْمُنَافِقُونَ فَيَكُونُ جُمْلَةُ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ حَالًا مِنَ الَّذِينَ تَوَلَّوْا ، أَيْ مَا هُمْ مُسْلِمُونَ وَلَا
يَهُودٌ . وَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ إِلَى قَوْمٍ وَهُمُ الْيَهُودُ . فَتَكُونُ جُمْلَةُ مَا هُمْ مِنْكُمْ صِفَةَ " قَوْمًا " ، قَوْمًا لَيْسُوا مُسْلِمِينَ وَلَا مُشْرِكِينَ بَلْ هُمْ
يَهُودٌ .
وَكَذَلِكَ ضَمِيرُ وَلَا مِنْهُمْ يَحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ عَلَى التَّعَاكُسِ وَكِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ وَاقِعٌ ، وَمُرَادٌ عَلَى طَرِيقَةِ الْكَلَامِ الْمُوَجَّهِ تَكْثِيرًا لِلْمَعَانِي مَعَ الْإِيجَازِ فَيُفِيدُ التَّعْجِيبَ مِنْ حَالِ الْمُنَافِقِينَ أَنْ يَتَوَلَّوْا قَوْمًا أَجَانِبَ عَنْهُمْ عَلَى قَوْمٍ هُمْ أَيْضًا أَجَانِبُ عَنْهُمْ ، عَلَى أَنَّهُمْ إِنْ كَانَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ اخْتِلَافُ الدِّينِ فَإِنَّ الَّذِي يُفَرِّقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ
الْيَهُودِ اخْتِلَافُ الدِّينِ وَاخْتِلَافُ النَّسَبِ لِأَنَّ الْمُنَافِقِينَ مِنْ
أَهْلِ يَثْرِبَ عَرَبٌ وَيُفِيدُ بِالِاحْتِمَالِ الْآخَرِ الْإِخْبَارَ عَنِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ إِسْلَامَهُمْ لَيْسَ صَادِقًا ، أَيْ مَا هُمْ مِنْكُمْ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ وَلَا مِنْهُمْ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ احْتِرَاسًا وَتَتْمِيمًا لِحِكَايَةِ حَالِهِمْ ، وَعَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ يَكُونُ ذَمُّ الْمُنَافِقِينَ أَشَدَّ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى حَمَاقَتِهِمْ إِذْ جَعَلُوا لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مَنْ لَيْسُوا عَلَى دِينِهِمْ فَهُمْ لَا يُوثَقُ بِوِلَايَتِهِمْ وَأَضْمَرُوا بُغْضَ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يُصَادِفُوا الدِّينَ الْحَقَّ .
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ عُطِفَ عَلَى تَوَلَّوْا وَجِيءَ بِهِ مُضَارِعًا لِلدِّلَالَةِ عَلَى تَجَدُّدِهِ وَلِاسْتِحْضَارِ الْحَالَةِ الْعَجِيبَةِ فِي حِينِ حَلِفِهِمْ عَلَى الْكَذِبِ لِلتَّنَصُّلِ مِمَّا فَعَلُوهُ ، وَالْكَذِبُ الْخَبَرُ الْمُخَالِفُ لِلْوَاقِعِ وَهِيَ الْأَخْبَارُ الَّتِي يُخْبِرُونَ بِهَا عَنْ أَنْفُسِهِمْ فِي نَفْيِ مَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ فِي جَانِبِ الْمُسْلِمِينَ .
[ ص: 49 ] وَهُمْ يَعْلَمُونَ جُمْلَةٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ، وَذَلِكَ أَدْخَلُ فِي التَّعْجِيبِ لِأَنَّهُ أَشْنَعُ مِنَ الْحَلِفِ عَلَى الْكَذِبِ لِعَدَمِ التَّثَبُّتِ فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ .
وَأَشَارَ هَذَا إِلَى مَا كَانَ يَحْلِفُهُ الْمُنَافِقُونَ لِلنَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِلْمُسْلِمِينَ إِذَا كُشِفَ لَهُمْ بَعْضُ مَكَائِدِهِمْ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ ، وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=62يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=74يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ وَمُقَاتِلٌ : نَزَلَتْ فِي
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَبْتَلٍ - بِنُونٍ فَبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ فَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ - كَانَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَبْتَلٍ يُجَالِسُ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَيَرْفَعُ أَخْبَارَهُ إِلَى
الْيَهُودِ وَيَسُبُّ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا بُلِّغَ خَبَرَهُ أَوْ أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ جَاءَ فَاعْتَذَرَ وَأَقْسَمَ إِنَّهُ مَا فَعَلَ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=15إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ تَعْلِيلٌ لِإِعْدَادِ الْعَذَابِ لَهُمْ ، أَيْ أَنَّهُمْ عَمِلُوا فِيمَا مَضَى أَعْمَالًا سَيِّئَةً مُتَطَاوِلَةً مُتَكَرِّرَةً كَمَا يُؤْذِنُ بِهَا الْمُضَارِعُ مِنْ قَوْلِهِ يَعْمَلُونَ .
وَبَيْنَ ( يَعْمَلُونَ ) ، وَ ( يَعْلَمُونَ ) الْجِنَاسُ الْمَقْلُوبُ قَلْبَ بَعْضٍ .