الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما ) .

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما ) .

                                                                                                                                                                                                                                            أما المنافع فهي قوله : ( أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ) والمراد أولئك يجزون الغرفات ، والدليل عليه قوله : ( وهم في الغرفات آمنون ) [سبأ : 37] ، وقال : ( لهم غرف من فوقها غرف ) [الزمر : 20] ، والغرفة في اللغة العلية ، وكل بناء عال فهو غرفة ، والمراد به الدرجات العالية . وقال المفسرون : الغرفة اسم الجنة ، فالمعنى : يجزون الجنة ، وهي جنات كثيرة . وقرأ بعضهم : " أولئك يجزون في الغرفة " . وقوله : ( بما صبروا ) فيه بحثان :

                                                                                                                                                                                                                                            البحث الأول : احتج بالآية من ذهب إلى أن الجنة بالاستحقاق ، فقال : الباء في قوله : ( بما صبروا ) تدل على ذلك ، ولو كان حصولها بالوعد لما صدق ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                            البحث الثاني : ذكر الصبر ولم يذكر المصبور عنه ، ليعم كل نوع ، فيدخل فيه صبرهم على مشاق التفكر والاستدلال في معرفة الله تعالى ، وعلى مشاق الطاعات ، وعلى مشاق ترك الشهوات ، وعلى مشاق أذى المشركين ، وعلى مشاق الجهاد والفقر ورياضة النفس ، فلا وجه لقول من يقول : المراد الصبر على الفقر خاصة ؛ لأن هذه الصفات إذا حصلت مع الغنى استحق من يختص بها الجنة كما يستحقه بالفقر .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية