الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 460 ] فصل في من استشهد يوم مؤتة من المسلمين

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فمن المهاجرين ، جعفر بن أبي طالب ، ومولاهم زيد بن حارثة الكلبي ، ومسعود بن الأسود بن حارثة بن نضلة العدوي ، ووهب بن سعد بن أبي سرح ، فهؤلاء أربعة نفر . ومن الأنصار ، عبد الله بن رواحة وعباد بن قيس الخزرجيان ، والحارث بن النعمان بن إساف بن نضلة النجاري ، وسراقة بن عمرو بن عطية بن خنساء المازني ، أربعة نفر . فمجموع من قتل من المسلمين يومئذ هؤلاء الثمانية ، على ما ذكره ابن إسحاق ، لكن قال ابن هشام : وممن استشهد يوم مؤتة ، فيما ذكره ابن شهاب الزهري ، أبو كليب وجابر ابنا عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول المازنيان ، وهما شقيقان لأب وأم ، وعمرو وعامر ابنا سعد بن الحارث بن عباد بن سعد بن عامر بن ثعلبة بن مالك بن أفصى . فهؤلاء أربعة من الأنصار أيضا ، فالمجموع على القولين اثنا عشر رجلا ، وهذا عظيم جدا أن يتقاتل جيشان متعاديان في الدين ، أحدهما ، وهو الفئة التي تقاتل في سبيل الله ، عدتها ثلاثة آلاف مقاتل ، وأخرى كافرة عدتها [ ص: 461 ] مائتا ألف مقاتل ، من الروم مائة ألف ، ومن نصارى العرب مائة ألف ، يتبارزون ويتصاولون ، ثم مع هذا كله لا يقتل من المسلمين إلا اثنا عشر رجلا ، وقد قتل من المشركين خلق كثير . هذا خالد وحده يقول : لقد اندقت في يدي يومئذ تسعة أسياف ، وما صبرت في يدي إلا صفيحة يمانية . فماذا ترى قد قتل بهذه الأسياف كلها ؟! دع غيره من الأبطال والشجعان ، من حملة القرآن ، وقد تحكموا في عبدة الصلبان ، عليهم لعائن الرحمن ، في ذلك الزمان ، وفي كل أوان . وهذا مما يدخل في قوله تعالى : قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار ( آل عمران : 13 ) .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية