nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=29029_18984يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون .
هذا متصل بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14ويحلفون على الكذب إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=16اتخذوا أيمانهم جنة وتقدم الكلام على نظير قوله " يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا " . كما سبق آنفا في هذه السورة ، أي اذكر يوم يبعثهم الله .
وحلفهم لله في الآخرة إشارة إلى ما حكاه الله عنهم في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=23ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين .
والتشبيه في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=18كما يحلفون لكم كما في صفة الحلف ، وهي قولهم : إنهم غير مشركين ، وفي كونه حلفا على الكذب ، وهم يعلمون ، ولذلك سماه تعالى فتنة في آية الأنعام . قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=23ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين .
ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=18ويحسبون أنهم على شيء يظنون يومئذ أن حلفهم يفيدهم تصديقهم عند الله فيحسبون أنهم حصلوا شيئا عظيما ، أي نافعا .
و على للاستعلاء المجازي وهو شدة التلبس بالوصف ونحوه كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5أولئك على هدى من ربهم في سورة البقرة .
وحذفت صفة شيء لظهور معناها من المقام ، أي على شيء نافع كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=68قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل nindex.php?page=hadith&LINKID=2002592 . وقول النبيء - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن الكهان ( ليسوا بشيء ) .
وهذا يقتضي توغلهم في النفاق ومرونتهم عليه وأنه باق في أرواحهم بعد بعثهم لأن نفوسهم خرجت من عالم الدنيا متخلقة به ، فإن النفوس إنما تكتسب تزكية أو خبثا في عالم التكليف . وحكمة إيجاد النفوس في الدنيا هي تزكيتها وتصفية
[ ص: 53 ] أكدارها لتخلص إلى عالم الخلود طاهرة ، فإن هي سلكت مسلك التزكية تخلصت إلى عالم الخلود زكية ويزيدها الله زكاء وارتياضا يوم البعث . وإن انغمست مدة الحياة في حمأة النقائص وصلصال الرذائل جاءت يوم القيامة على ما كانت عليه تشويها لحالها . لتكون مهزلة لأهل المحشر . وقد تبقى في النفوس الزكية خلائق لا تنافي الفضيلة ولا تناقض عالم الحقيقة مثل الشهوات المباحة ولقاء الأحبة قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=67الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=68يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=69الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=70ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون . وفي الحديث : أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002593إن رجلا من أهل الجنة يستأذن ربه أن يزرع ، فيقول الله : أولست فيما شئت قال : بلى ، ولكن أحب أن أزرع ، فأسرع وبذر فيبادر الطرف نباته واستواؤه واستحصاده وتكويره أمثال الجبال . وكان رجل من أهل البادية عند النبيء - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، لا نجد هذا إلا قرشيا أو أنصاريا فإنهم أصحاب زرع فأما نحن فلسنا بأصحاب زرع ، فضحك النبيء - صلى الله عليه وسلم - إقرارا لما فهمه الأعرابي .
وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله عن
مسلم أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002594nindex.php?page=treesubj&link=30345يبعث كل عبد على ما مات عليه . قال
عياض في الإكمال هو عام في كل حالة مات عليها المرء . قال
السيوطي : يبعث الزمار بمزماره . وشارب الخمر بقدحه اهـ . قلت : ثم تتجلى لهم الحقائق على ما هي عليه إذ تصير العلوم على الحقيقة .
وختم هذا الكلام بقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=18ألا إنهم هم الكاذبون وهو تذييل جامع لحال كذبهم الذي ذكره الله بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14ويحلفون على الكذب . فالمراد أن كذبهم عليكم لا يماثله كذب ، حتى قصرت صفة الكاذب عليهم بضمير الفصل في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=18ألا إنهم هم الكاذبون وهو قصر ادعائي للمبالغة لعدم الاعتداد بكذب غيرهم . وأكد ذلك بحرف التوكيد توكيدا لمفاد الحصر الادعائي وهو أن كذب غيرهم كلا كذب في جانب كذبهم ، وبأداة الاستفتاح المقتضية استمالة السمع لخبرهم لتحقيق تمكن صفة الكذب منهم حتى أنه يلازمهم يوم البعث .
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=29029_18984يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ .
هَذَا مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=16اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى نَظِيرِ قَوْلِهِ " يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا " . كَمَا سَبَقَ آنِفًا فِي هَذِهِ السُّورَةِ ، أَيِ اذْكُرْ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ .
وَحَلِفُهُمْ لِلَّهِ فِي الْآخِرَةِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا حَكَاهُ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=23ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ .
وَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=18كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ كَمَا فِي صِفَةِ الْحَلِفِ ، وَهِيَ قَوْلُهُمْ : إِنَّهُمْ غَيْرُ مُشْرِكِينَ ، وَفِي كَوْنِهِ حَلِفًا عَلَى الْكَذِبِ ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ ، وَلِذَلِكَ سَمَّاهُ تَعَالَى فِتْنَةً فِي آيَةِ الْأَنْعَامِ . قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=23ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ .
وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=18وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ يَظُنُّونَ يَوْمَئِذٍ أَنَّ حَلِفَهُمْ يُفِيدُهُمْ تَصْدِيقَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ فَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ حَصَّلُوا شَيْئًا عَظِيمًا ، أَيْ نَافِعًا .
وَ عَلَى لِلِاسْتِعْلَاءِ الْمَجَازِيِّ وَهُوَ شِدَّةُ التَّلَبُّسِ بِالْوَصْفِ وَنَحْوِهِ كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=5أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَحُذِفَتْ صِفَةُ شَيْءٍ لِظُهُورِ مَعْنَاهَا مِنَ الْمَقَامِ ، أَيْ عَلَى شَيْءٍ نَافِعٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=68قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ nindex.php?page=hadith&LINKID=2002592 . وَقَوْلِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا سُئِلَ عَنِ الْكُهَّانِ ( لَيْسُوا بِشَيْءٍ ) .
وَهَذَا يَقْتَضِي تَوَغُّلَهُمْ فِي النِّفَاقِ وَمُرُونَتَهُمْ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ بَاقٍ فِي أَرْوَاحِهِمْ بَعْدَ بَعْثِهِمْ لِأَنَّ نُفُوسَهُمْ خَرَجَتْ مِنْ عَالَمِ الدُّنْيَا مُتَخَلِّقَةً بِهِ ، فَإِنَّ النُّفُوسَ إِنَّمَا تَكْتَسِبُ تَزْكِيَةً أَوْ خُبْثًا فِي عَالَمِ التَّكْلِيفِ . وَحِكْمَةُ إِيجَادِ النُّفُوسِ فِي الدُّنْيَا هِيَ تَزْكِيَتُهَا وَتَصْفِيَةُ
[ ص: 53 ] أَكْدَارِهَا لِتَخْلُصَ إِلَى عَالَمِ الْخُلُودِ طَاهِرَةً ، فَإِنْ هِيَ سَلَكَتْ مَسْلَكَ التَّزْكِيَةِ تَخَلَّصَتْ إِلَى عَالَمِ الْخُلُودِ زَكِيَّةً وَيَزِيدُهَا اللَّهُ زَكَاءً وَارْتِيَاضًا يَوْمَ الْبَعْثِ . وَإِنِ انْغَمَسَتْ مُدَّةَ الْحَيَاةِ فِي حَمْأَةِ النَّقَائِصِ وَصَلْصَالِ الرَّذَائِلِ جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ تَشْوِيهًا لِحَالِهَا . لِتَكُونَ مَهْزَلَةً لِأَهْلِ الْمَحْشَرِ . وَقَدْ تَبْقَى فِي النُّفُوسِ الزَّكِيَّةِ خَلَائِقُ لَا تُنَافِي الْفَضِيلَةَ وَلَا تُنَاقِضُ عَالَمَ الْحَقِيقَةِ مِثْلُ الشَّهَوَاتِ الْمُبَاحَةِ وَلِقَاءِ الْأَحِبَّةِ قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=67الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=68يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=69الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=70ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ . وَفِي الْحَدِيثِ : أَنَّ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002593إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَسْتَأْذِنُ رَبَّهُ أَنْ يَزْرَعَ ، فَيَقُولُ اللَّهُ : أَوَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ قَالَ : بَلَى ، وَلَكِنْ أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ ، فَأَسْرَعَ وَبَذَرَ فَيُبَادِرُ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ وَتَكْوِيرُهُ أَمْثَالَ الْجِبَالِ . وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ عِنْدَ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَا نَجْدُ هَذَا إِلَّا قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ فَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ ، فَضْحِكَ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِقْرَارًا لِمَا فَهِمَهُ الْأَعْرَابِيُّ .
وَفِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ
مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002594nindex.php?page=treesubj&link=30345يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ . قَالَ
عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ هُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ حَالَةٍ مَاتَ عَلَيْهَا الْمَرْءُ . قَالَ
السُّيُوطِيُّ : يُبْعَثُ الزَّمَّارُ بِمِزْمَارِهِ . وَشَارِبُ الْخَمْرِ بِقَدَحِهِ اهـ . قُلْتُ : ثُمَّ تَتَجَلَّى لَهُمُ الْحَقَائِقُ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ إِذْ تَصِيرُ الْعُلُومُ عَلَى الْحَقِيقَةِ .
وَخَتَمَ هَذَا الْكَلَامَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=18أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ وَهُوَ تَذْيِيلٌ جَامِعٌ لِحَالِ كَذِبِهِمُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ . فَالْمُرَادُ أَنَّ كَذِبَهُمْ عَلَيْكُمْ لَا يُمَاثِلُهُ كَذِبٌ ، حَتَّى قُصِرَتْ صِفَةُ الْكَاذِبِ عَلَيْهِمْ بِضَمِيرِ الْفَصْلِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=18أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ وَهُوَ قَصْرٌ ادِّعَائِيٌّ لِلْمُبَالَغَةِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِكَذِبِ غَيْرِهِمْ . وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِحَرْفِ التَّوْكِيدِ تَوْكِيدًا لِمُفَادِ الْحَصْرِ الِادِّعَائِيِّ وَهُوَ أَنَّ كَذِبَ غَيْرِهِمْ كَلَا كَذِبٍ فِي جَانِبِ كَذِبِهِمْ ، وَبِأَدَاةِ الِاسْتِفْتَاحِ الْمُقْتَضِيَةِ اسْتِمَالَةَ السَّمْعِ لِخَبَرِهِمْ لِتَحْقِيقِ تَمَكُّنِ صِفَةِ الْكَذِبِ مِنْهُمْ حَتَّى أَنَّهُ يُلَازِمُهُمْ يَوْمَ الْبَعْثِ .