الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        الفائدة الثالثة : قال شيخ الإسلام : من أول من صنف في [ ص: 44 ] الاصطلاح القاضي أبو محمد الرامهرمزي ، فعمل كتابه " المحدث الفاصل " لكنه لم يستوعب ، والحاكم أبو عبد الله النيسابوري لكنه لم يهذب ولم يرتب ، وتلاه أبو نعيم الأصبهاني ، فعمل على كتابه مستخرجا ، وأبقى فيه أشياء للمتعقب ، ثم جاء بعدهم الخطيب البغدادي فعمل في قوانين الرواية كتابا سماه : " الكفاية " وفي آدابها كتابا سماه : " الجامع لآداب الشيخ والسامع " ، وقل فن من فنون الحديث إلا وقد صنف فيه كتابا مفردا ، فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة : كل من أنصف علم أن المحدثين بعده عيال على كتبه ، ثم جمع ممن تأخر عنه القاضي عياض كتابه " الإلماع " ، وأبو حفص الميانجي جزء " ما لا يسع المحدث جهله " وغير ذلك .

        إلى أن جاء الحافظ الإمام تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح الشهرزوري نزيل دمشق فجمع لما ولي تدريس الحديث بالمدرسة الأشرفية كتابه المشهور ، فهذب فنونه وأملاه شيئا فشيئا ، واعتنى بتصانيف الخطيب المفرقة فجمع شتات مقاصدها ، وضم إليها من غيرها نخب فوائد ، فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره ؛ فلهذا عكف الناس عليه ، فلا يحصى كم ناظم له ، ومختصر ومستدرك عليه ، ومقتصر ، ومعارض له ، ومنتصر .

        قال : إلا أنه لم يحصل ترتيبه على الوضع المناسب : بأن يذكر ما يتعلق بالمتن وحده ، وما يتعلق بالسند وحده ، وما يشتركان فيه معا ؛ وما [ ص: 45 ] يختص بكيفية التحمل والأداء وحده ، وما يختص بصفات الرواة وحده لأنه جمع متفرقات هذا الفن من كتب مطولة في هذا الحجم اللطيف ، ورأى أن تحصيله وإلقاءه إلى طالبيه أهم من تأخير ذلك ، إلى أن تحصل العناية التامة بحسن ترتيبه .

        وقد تبعه على هذا الترتيب جماعة منهم المصنف وابن كثير والعراقي والبلقيني وغيره جماعة ، كابن جماعة والتبريزي والطيبي والزركشي .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية