الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة وبيان تحريمها وتحريم صيدها وشجرها وبيان حدود حرمها

                                                                                                                1360 حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز يعني ابن محمد الدراوردي عن عمرو بن يحيى المازني عن عباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد بن عاصم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة وإني دعوت في صاعها ومدها بمثلي ما دعا به إبراهيم لأهل مكة وحدثنيه أبو كامل الجحدري حدثنا عبد العزيز يعني ابن المختار ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا خالد بن مخلد حدثني سليمان بن بلال ح وحدثناه إسحق بن إبراهيم أخبرنا المخزومي حدثنا وهيب كلهم عن عمرو بن يحيى هو المازني بهذا الإسناد أما حديث وهيب فكرواية الدراوردي بمثلي ما دعا به إبراهيم وأما سليمان بن بلال وعبد العزيز بن المختار ففي روايتهما مثل ما دعا به إبراهيم

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن إبراهيم حرم مكة ) هذا دليل لمن يقول : إن تحريم مكة إنما هو كان في زمن إبراهيم صلى الله عليه وسلم ، والصحيح أنه كان يوم خلق الله السماوات والأرض ، وقد سبقت المسألة مستوفاة قريبا ، وذكروا في تحريم إبراهيم احتمالين .

                                                                                                                أحدهما : أنه حرمها بأمر الله تعالى له بذلك لا باجتهاده ، فلهذا أضاف التحريم إليه تارة وإلى الله تعالى تارة .

                                                                                                                والثاني : أنه دعا لها فحرمها الله تعالى بدعوته ، فأضيف التحريم إليه لذلك .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة ) وذكر مسلم الأحاديث التي بعده بمعناه .

                                                                                                                هذه الأحاديث حجة ظاهرة للشافعي ومالك وموافقيهما في تحريم صيد المدينة وشجرها ، وأباح أبو حنيفة ذلك ، واحتج له بحديث ( يا أبا عمير ما فعل النغير ) وأجاب أصحابنا بجوابين .

                                                                                                                أحدهما : أنه يحتمل أن حديث النغير كان قبل تحريم المدينة .

                                                                                                                والثاني : يحتمل أنه صاده من الحل لا من حرم المدينة ، وهذا [ ص: 491 ] الجواب لا يلزمهم على أصولهم ؛ لأن مذهب الحنفية أن صيد الحل إذا أدخله إلى الحرم ثبت له حكم الحرم ، ولكن أصلهم هذا ضعيف فيرد عليهم بدليله ، والمشهور من مذهب مالك والشافعي والجمهور أنه لا ضمان في صيد المدينة وشجرها ، بل هو حرام بلا ضمان ، وقال ابن أبي ذئب ، وابن أبي ليلى : يجب فيه الجزاء كحرم مكة ، وبه قال بعض المالكية ، وللشافعي قول قديم : أنه يسلب القاتل ، لحديث سعد بن أبي وقاص الذي ذكره مسلم بعد هذا ، قال القاضي عياض : لم يقل بهذا القول أحد بعد الصحابة إلا الشافعي في قوله القديم . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية