الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 739 ] النوع السابع والأربعون :

        من لم يرو عنه إلا واحد ، لمسلم فيه كتاب ، مثاله : وهب بن خنبش .

        وعامر بن شهر ، وعروة بن مضرس ، ومحمد بن صفوان ، ومحمد بن صيفي صحابيون لم يرو عنهم غير الشعبي ، وانفرد قيس بن أبي حازم بالرواية عن أبيه ودكين ، والصنابح بن الأعسر ، ومرداس من الصحابة ، وممن لم يرو عنه من الصحابة إلا ابنه المسيب والد سعيد ، ومعاوية والد حكيم ، وقرة بن إياس والد معاوية ، وأبو ليلى والد عبد الرحمن ، قال الحاكم : لم يخرجا في الصحيحين عن أحد من هذا القبيل وغلطوه بإخراجهما حديث المسيب أبي سعيد في وفاة أبي طالب ، وبإخراج البخاري حديث الحسن عن عمرو بن تغلب ، وقيس عن مرداس ، وبإخراج مسلم حديث عبد الله بن الصامت عن رافع بن عمرو ، ونظائره في الصحيحين كثيرة ، وقد تقدم " في النوع الثالث والعشرين " . وفي التابعين أبو العشراء لم يرو عنه غير حماد بن سلمة ، وتفرد الزهري عن نيف وعشرين من التابعين .

        وعمرو بن دينار عن جماعة ، وكذا يحيى بن سعيد الأنصاري وأبو إسحاق السبيعي وهشام بن عروة ومالك وغيرهم - رضي الله عنهم .

        التالي السابق


        ( النوع السابع والأربعون ) معرفة الوحدان ، وهو ( من لم يرو عنه إلا واحد ) .

        ومن فوائده معرفة المجهول إذا لم يكن صحابيا ، فلا يقبل كما تقدم في النوع الثالث والعشرين .

        ( لمسلم فيه كتاب مثاله ) في الصحابة ( وهب بن خنبش ) بفتح المعجمة والموحدة بينهما نون ساكنة ، الطائي الكوفي .

        [ ص: 740 ] قال ابن الصلاح : وسماه الحاكم وأبو نعيم هرما ، وذلك خطأ ، وكذا وقع عند ابن ماجه .

        قال المزي : ومن قال : وهب - أكثر وأحفظ .

        ( وعامر بن شهر ، وعروة بن مضرس ، ومحمد بن صفوان ) الأنصاري ، ( ومحمد بن صيفي ) الأنصاري ، وليس بالذي قبله على الصحيح .

        هؤلاء ( صحابيون لم يرو عنهم غير الشعبي ) .

        قال العراقي : ما ذكره في عامر قاله مسلم وغيره وفيه نظر ، فإن ابن عباس روى عنه قصة رواها سيف بن عمر في الردة ، قال : حدثنا طلحة الأعلم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : أول من اعترض على الأسود العنسي وكابره عامر بن شهر الهمداني ، إلى آخر كلامه .

        [ ص: 741 ] وما قاله في عروة قاله أيضا ابن المديني والحاكم ، وليس كذلك ، فقد روى عنه أيضا ابن عمه حميد الطائي ، ذكره المزي في التهذيب .

        ( وانفرد قيس بن أبي حازم بالرواية عن أبيه ، و ) عن ( دكين ) - بالكاف مصغرا - ابن سعيد ، ويقال سعد الخثعمي ، ويقال المزني ( و ) عن ( الصنابح بن الأعسر ، ومرداس ) بن مالك الأسلمي ( من الصحابة ) .

        قال العراقي : لم ينفرد عن الصنابح ، بل روى عنه أيضا الحارث بن وهب ، ذكره الطبراني .

        قلت : لكن قال شيخ الإسلام : إنه وهم ، والصواب أن الذي روى عنه الحارث الصنابحي التابعي ، وسيأتي .

        وقال المزي : روى عن مرداس أيضا زياد بن علاقة .

        قال العراقي : والصواب خلافه ، فإنما روى زياد عن مرداس بن عروة صحابي آخر .

        [ ص: 742 ] ( وممن لم يرو عنه من الصحابة إلا ابنه المسيب ) بن حزن القرشي ( والد سعيد .

        ومعاوية ) بن حيدة ( والد حكيم ) .

        قال العراقي : بل روي عن معاوية أيضا عروة بن رويم اللخمي ، وحميد المزني ، ذكرهما المزي .

        ( وقرة بن إياس والد معاوية .

        وأبو ليلى ) الأنصاري ( والد عبد الرحمن ) وإن كان عدي بن ثابت أيضا روى عنه فلم يدركه ، كما قال المزي .

        ( قال ) أبو عبد الله ( الحاكم ) في " المدخل " : ( لم يخرجا ) ، أي الشيخان ، ( في الصحيحين عن أحد من هذا القبيل ) من الصحابة .

        وتبعه على ذلك البيهقي فقال في سننه عند ذكر بهز بن حكيم عن أبيه عن جده : " ومن كتمها فإنا آخذوها وشطر ماله " . الحديث - ما نصه : فأما البخاري ومسلم فإنهما لم يخرجاه على عادتهما في أن الصحابي أو التابعي إذا لم يكن [ ص: 743 ] له إلا راو واحد لم يخرجا حديثه في الصحيحين ، ( وغلطوه ) في ذلك ، ونقض ( بإخراجهما حديث المسيب أبي سعيد في وفاة أبي طالب ) ، مع أنه لا راوي له غير ابنه .

        ( وبإخراج البخاري حديث الحسن ) البصري ، ( عن عمرو بن تغلب ) مرفوعا : " إني لأعطي الرجل والذي أدع أحب إلي " . ولم يرو عنه غير الحسن كما قاله مسلم في الوحدان وغيره ، وإن قال ابن عبد البر وابن أبي حاتم : روى عنه الحكم بن الأعرج .

        فقد قال العراقي : لم أر له رواية عنه في شيء من طرق الحديث .

        ( و ) بإخراجه أيضا حديث ( قيس ) بن أبي حازم ، ( عن مرداس ) الأسلمي : " يذهب الصالحون الأول فالأول " . ولا راوي له غير قيس كما تقدم تحريره .

        ( وبإخراج مسلم حديث عبد الله بن الصامت ، عن رافع بن عمرو ) [ ص: 744 ] الغفاري ولا راوي له غيره .

        وقال العراقي : بل روى عنه ابنه عمران كما قال المزي ، وأبو جسر مولى أخيه ، كما في " جامع الترمذي " .

        ( ونظائره في الصحيحين كثيرة ) قال ابن الصلاح : كإخراجه حديث أبي رفاعة العدوي ، ولم يرو عنه غير حميد بن هلال العدوي .

        وحديث الأغر المزني ولم يرو عنه غير أبي بردة .

        وقال العراقي : بل روى عن أبي رفاعة أيضا صلة بن أشيم العدوي ، وعن الأغر عبد الله بن عمرو ، ومعاوية بن قرة .

        ( وقد تقدم في النوع الثالث والعشرين ) شيء من هذا النوع .

        ( و ) مثاله ( في التابعين أبو العشراء ) الدارمي ، ( لم يرو عنه غير حماد بن سلمة ) .

        قال العراقي : بل روى عنه يزيد [ ص: 745 ] بن أبي زياد ، وعبد الله بن محرر ، كلاهما روى عنه حديث الزكاة ، متابعين لحماد بن سلمة .

        ( وتفرد الزهري عن نيف وعشرين من التابعين ) لم يرو عنهم غيره .

        منهم فيما ذكره الحاكم محمد بن أبي سفيان بن حارثة الثقفي ، وعمرو بن أبي سفيان بن العلاء الثقفي .

        ( و ) تفرد ( عمرو بن دينار عن جماعة ، وكذا يحيى بن سعيد الأنصاري ، وأبو إسحاق السبيعي وهشام بن عروة ومالك وغيرهم ) تفرد كل منهم بالرواية عن جماعة لم يرو عنهم غيره .

        قال الحاكم : والذين تفرد عنهم مالك نحو عشرة من شيوخ المدينة ، منهم : المسور بن رفاعة القرظي .

        قال : وتفرد سفيان عن بضع عشر شيخا ، منهم عبد الله بن شداد الليثي .

        وتفرد شعبة عن نحو ثلاثين شيخا منهم المفضل بن فضالة .




        الخدمات العلمية