الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        [ ص: 43 ] فصل

                                                                                                                                                                        في ميقات العمرة

                                                                                                                                                                        إن كان المعتمر خارج الحرم ، فميقات عمرته ميقات حجه بلا فرق . وإن كان في الحرم مكيا كان أو مقيما بمكة ، فله ميقات واجب وأفضل . أما الواجب فأن يخرج إلى أدنى الحل ولو خطوة من أي جانب شاء ، فيحرم بها . فإن خالف وأحرم بها في الحرم ، انعقد إحرامه . ثم له حالان .

                                                                                                                                                                        أحدهما : أن لا يخرج إلى الحل ، بل يطوف ويسعى ويحلق بها ، فهل يجزئه ذلك عن عمرته . قولان نص عليهما في " الأم " ، أظهرهما : يجزئه ، ويلزمه دم ، لتركه الإحرام من الميقات .

                                                                                                                                                                        والثاني : لا يجزئه ما أتى به ، بل يشترط أن يجمع في عمرته بين الحل والحرم ، كما في الحج . فعلى الأول : لو وطئ بعد الحلق ، فلا شيء عليه ؛ لوقوعه بعد التحلل . وعلى الثاني : الوطء واقع قبل التحلل لكنه يعتقد أنه تحلل ، فهو كوطء الناسي . وفي كونه مفسدا قولان . فإن جعلناه مفسدا ، فعليه المضي في فاسده بأن يخرج إلى الحل ويعود ، فيطوف ويسعى ، ويحلق . ويلزمه القضاء وكفارة الإفساد ودم الحلق لوقوعه قبل التحلل .

                                                                                                                                                                        الحال الثاني : أن يخرج إلى الحل ثم يعود ، فيطوف ويسعى ويحلق ، فيعتد بما أتى به قطعا . وهل يسقط عنه دم الإساءة ؟ فيه طريقان . المذهب وبه قطع الجماهير : سقوطه . والثاني : على طريقين . أصحهما : القطع بسقوطه ، والثاني : تخريجه على الخلاف في عود من جاوز الميقات غير محرم . فإذا قلنا بالمذهب ، فالواجب خروجه إلى الحل قبل الأعمال إما في ابتداء الإحرام ، وإما بعده . وإن قلنا : لا يسقط الدم ، فالواجب هو الخروج في ابتداء الإحرام .

                                                                                                                                                                        [ ص: 44 ] فرع

                                                                                                                                                                        أفضل البقاع من أطراف الحل لإحرام العمرة : الجعرانة ، ثم التنعيم ، ثم الحديبية .

                                                                                                                                                                        قلت : هذا هو الصواب . وأما قول صاحب التنبيه : والأفضل أن يحرم بها من التنعيم ، فغلط . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية