الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ المقابلة ] ، ومنه نوع يسمى المقابلة : وهي أن يذكر لفظان فأكثر ثم أضدادهما على الترتيب .

قال ابن أبي الإصبع : والفرق بين الطباق والمقابلة من وجهين .

أحدهما : أن الطباق لا يكون إلا من ضدين فقط ، والمقابلة لا تكون إلا بما زاد من الأربعة إلى العشرة .

والثاني : أن الطباق لا يكون إلا بأضداد ، والمقابلة بالأضداد بغيرها .

قال السكاكي : ومن خواص المقابلة أنه إذا شرط في الأول أمر شرط في الثاني ضده ، كقوله تعالى : فأما من أعطى واتقى [ الليل : 5 ] ، قابل بين الإعطاء والبخل ، والاتقاء والاستغناء ، والتصديق والتكذيب ، واليسرى والعسرى ، ولما جعل التيسير في الأول مشتركا بين الإعطاء والاتقاء والتصديق ، جعل ضده - وهو التعسير - مشتركا بين أضدادها .

وقال بعضهم : المقابلة إما لواحد بواحد ، وذلك قليل جدا كقوله : لا تأخذه سنة ولا نوم [ البقرة : 255 ] . أو اثنين باثنين كقوله : فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا [ التوبة : 82 ] . أو ثلاثة بثلاثة كقوله : يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث [ الأعراف : 157 ] ، واشكروا لي ولا تكفرون [ البقرة : 152 ] . وأربعة بأربعة كقوله : فأما من أعطى الآيتين [ الليل : 5 ] .

وخمسة بخمسة كقوله : إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما [ البقرة : 26 ] ، الآيات ، قابل بين : ( بعوضة فما فوقها ) ، وبين : ( فأما الذين آمنوا ) ( وأما الذين كفروا ) ، وبين : ( يضل ) و ( يهدي ) وبين ( ينقضون ) و ( ميثاقه ) ، وبين ( يقطعون ) و ( أن يوصل ) .

[ ص: 183 ] أو ستة بستة كقوله : زين للناس حب الشهوات الآية ، ثم قال : قل أؤنبئكم الآية [ آل عمران : 14 ، 15 ] ، قابل : الجنات ، والأنهار ، والخلد ، والأزواج ، والتطهير ، والرضوان ، بإزاء : النساء ، والبنين ، والذهب ، والفضة ، والخيل المسومة ، والأنعام ، والحرث .

وقسم آخر : المقابلة إلى ثلاثة أنواع : نظيري ونقيضي وخلافي .

مثال الأول : مقابلة السنة بالنوم في الآية الأولى ، فإنهما جميعا من باب الرقاد المقابل باليقظة في آية : وتحسبهم أيقاظا وهم رقود [ الكهف : 18 ] ، وهذا مثال الثاني ، فإنهما نقيضان .

ومثال الثالث : مقابلة الشر بالرشد في قوله : وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا [ الجن : 10 ] ، فإنهما خلافان لا نقيضان ، فإن نقيض الشر الخير ، والرشد الغي .

التالي السابق


الخدمات العلمية