الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2340 [ ص: 12 ] 28 - باب: من أخذ الغصن وما يؤذي الناس في الطريق فرمى به 2472 - حدثنا عبد الله، أخبرنا مالك، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " بينما رجل يمشي بطريق، وجد غصن شوك فأخذه، فشكر الله له، فغفر له". [انظر: 652 - مسلم: 1914 - فتح: 5 \ 188]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث مالك، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينما رجل يمشي بطريق، وجد غصن شوك فأخذه، فشكر الله له، فغفر له".

                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              إماطة الأذى وكل ما يؤذي الناس في الطريق مأجور عليه.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: أن قليل الأجر قد يغفر الله به كثير الذنوب، وقد قال عليه السلام: "الإيمان بضع وسبعون - أو وستون- شعبة، أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق".

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: دلالة على أن طرح الشوك في الطريق والحجارة والكناسة والمياه المفسدة للطريق، وكل ما يؤذي الناس يخشى العقوبة عليه في الدنيا والآخرة، ولا شك أن نزع الأذى عن الطريق من أعمال البر، وأن أعمال البر تكفر السيئات، وتوجب الغفران، ولا ينبغي للعاقل أن يحتقر شيئا من أعمال البر. وفي بعض طرقه: "إما كان في شجرة فقطعه وألقاه، وإما كان موضوعا فأماطه" ، والأصل في هذا كله قوله [ ص: 13 ] تعالى: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره [الزلزلة: 7].

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار بإسناد جيد، كأنه من حديث أبي هريرة: "حوسب رجل فلم يجد له من الخير إلا غصن شوك نحاه عن الطريق". ولابن زنجويه من حديث إبراهيم الهجري، عن أبي عياض، عنه: "على كل مسلم في كل يوم صدقة"، قالوا: ومن يطيق هذا يا رسول الله؟ قال: "إماطتك الأذى عن الطريق صدقة".

                                                                                                                                                                                                                              ومن حديث ابن لهيعة، عن دراج أبي السمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد مرفوعا: "غفر الله لرجل أماط عن الطريق غصن شوك ما تقدم من ذنبه وما تأخر".

                                                                                                                                                                                                                              ولابن أبي شيبة من حديث عياض بن غطيف، عن أبي عبيدة مرفوعا: "أو ماط أذى عن طريق فحسنته بعشر أمثالها" .

                                                                                                                                                                                                                              ومن حديث أبي هلال، عن قتادة، عن أنس كانت سمرة على طريق الناس فكانت تؤذيهم فعزلها رجل عن طريقهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فلقد رأيته يتقلب في ظلها في الجنة" .

                                                                                                                                                                                                                              ولأبي داود من حديث بريدة مرفوعا: "في الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلا، فعليه أن يتصدق عن كل مفصل منه بصدقة"، قالوا: ومن يطيق ذلك؟ قال: "النخاعة في المسجد يدفنها، والشيء ينحيه عن الطريق" الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 14 ] ولابن ماجه من حديث أبي برزة قلت: يا رسول الله، دلني على عمل أنتفع به، قال: "اعزل الأذى عن طريق المسلمين".

                                                                                                                                                                                                                              ولابن عبد البر من حديث مالك بن يزيد، عن أبيه، عن أبي ذر مرفوعا: "إماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق صدقة".




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية