الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب صيام التطوع

الفصل الأول

2036 - عن عائشة قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم حتى نقول لا يفطر ، ويفطر حتى نقول لا يصوم ، وما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استكمل صيام شهر قط إلا ربمضان ، وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان ، وفي رواية قالت : كان يصوم شعبان كله ، وكان يصوم شعبان إلا قليلا . متفق عليه .

التالي السابق


باب صيام التطوع

أي : فعله تقربا إلى الله - تعالى - عن طوع ورغبة لا عن تكليف مرتب على رهبة ، والله أعلم .

الفصل الأول

2036 - ( عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) أي : أحيانا ( يصوم ) أي : النفل متتابعا ( حتى نقول لا يفطر ) أي : أبدا ، قال التوربشتي : الرواية في نقول بالنون وقد وجدت في بعض النسخ بالتاء على الخطاب أي : معناها تقول أنت أيها السامع لو أبصرته ، ( والرواية ) أيضا بنصب اللام ، وهو الأكثر في كلامهم ، ومنهم من رفع المستقبل في مثل هذا الموضع ، وقال ابن الملك : ويجوز بياء الغائب أيضا أي : يقول القائل اهـ . وفيه تفكيك الضمير ، واختلف في تجويزه ، والأظهر عدم جوازه سيما في جملة واحدة من الكلام ( ويفطر حتى نقول لا يصوم ، وما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استكمل صيام شهر قط ) هذا بمنزلة استثناء من الكلام السابق ( إلا رمضان ، وما رأيته في شهر أكثر ) ثاني مفعول رأيت والضمير في ( منه ) له - صلى الله عليه وسلم - ( صياما ) تمييز ( في شعبان ) متعلق بصام ، والمعنى : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم في شعبان وفي غيره من الشهور سوى رمضان ، وكان صيامه في شعبان أكثر من صيامه فيما سواه كذا ذكره الطيبي ، وقال بعض الشراح : قوله في شهر يعني به غير شعبان ، وهو حال من المستكن في أكثر ، وفي شعبان حال من المجرور في منه العائد إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أي : ما رأيته كائنا في غير شعبان أكثر صياما منه كائنا في شعبان ، مثل زيد قائما أحسن منه قاعدا ، أو كلاهما ظرف ، الأكثر الأول باعتبار الزيادة ، والثاني باعتبار أصل المعنى ، ولا تعلق له برؤيته ، وإلا يلزم تفضيل الشيء على نفسه باعتبار حالة واحدة ( وفي رواية قالت : كان يصوم شعبان كله ) قيل : أي في أول الأمر ( كان ) وفي نسخة وكان ( يصوم شعبان إلا قليلا ) قالالنووي : الثاني تفسير للأول ، وبيان قولها كله أي غالبه اهـ . وهو تأويل بعيد ، حمله عليه قولها في الرواية الأولى " قط إلا رمضان " وقيل : المراد أنه يصومه كله في سنة وأكثره في سنة أخرى فالمعنى على العطف اهـ . وهو أقرب لظاهر اللفظ ، وقيل : كان يصوم تارة من أوله وتارة من آخره وتارة بينهما ، قال الطيبي : ولفظ ( كله ) تأكيد لإفادة الشمول ورفع التجوز من احتمال البعض ، فتفسيره بالبعض مناف له ، ولو جعل كان الثاني وما يتعلق به استئنافا ليكون بيانا للحالتين حالة الإتمام وحالة غيره ، لكان أحسن وأعذب ، فلو عكف بالواو لم يحمل هذا التأويل ( متفق عليه ) .

[ ص: 1410 ]



الخدمات العلمية