الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 74 ] يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين

                                                                                                                                                                                                                                      يؤمنون بالله واليوم الآخر صفة أخرى لـ "أمة" مبينة لمباينتهم اليهود من جهة أخرى، أي: يؤمنون بها على الوجه الذي نطق به الشرع، والإطلاق للإيذان بالغنى عن التقييد لظهور أنه الذي يطلق عليه الإيمان بهما لا يذهب الوهم إلى غيره وللتعريض بأن إيمان اليهود بهما مع قولهم عزير ابن الله وكفرهم ببعض الكتب والرسل ووصفهم اليوم الآخر بخلاف صفته ليس من الإيمان بهما في شيء أصلا ولو قيد بما ذكر لربما توهم أن المنتفي عنهم هو القيد المذكور مع جواز إطلاق الإيمان على إيمانهم بالأصل وهيهات. ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر صفتان أخريان لـ "أمة" أجريتا عليهم تحقيقا لمخالفتهم اليهود في الفضائل المتعلقة بتكميل الغير إثر بيان مباينتهم لهم في الخصائص المتعلقة بتكميل النفس وتعريضا بمداهنتهم في الاحتساب بل بتعكيسهم في الأمر بإضلال الناس وصدهم عن سبيل الله فإنه أمر بالمنكر ونهي عن المعروف. ويسارعون في الخيرات صفة أخرى ل "أمة" جامعة لفنون المحاسن المتعلقة بالنفس وبالغير. والمسارعة في الخير فرط الرغبة فيه لأن من رغب في الأمر سارع في توليته والقيام به وآثر الفور على التراخي، أي: يبادرون مع كمال الرغبة في فعل أصناف الخيرات اللازمة والمتعدية، وفيه تعريض بتباطؤ اليهود فيها بل بمبادرتهم إلى الشرور وإيثار كلمة "في" على ما وقع في قوله تعالى: وسارعوا إلى مغفرة إلخ... للإيذان بأنهم مستقرون في أصل الخير متقلبون في فنونه المترتبة في طبقات الفضل لا أنهم خارجون عنها منتهون إليها. وأولئك إشارة إلى الأمة باعتبار اتصافهم بما فصل من النعوت الجليلة، وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو درجتهم وسمو طبقتهم في الفضل وإيثاره على الضمير للإشعار بعلة الحكم والمدح، أي: أولئك المنعوتون بتلك الصفات الفاضلة بسبب اتصافهم بها. من الصالحين أي: من جملة من صلحت أحوالهم عند الله عز وجل واستحقوا رضاه وثناءه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية