الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب من مضمض من السويق ولم يتوضأ

                                                                                                                                                                                                        206 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار مولى بني حارثة أن سويد بن النعمان أخبره أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر حتى إذا كانوا بالصهباء وهي أدنى خيبر فصلى العصر ثم دعا بالأزواد فلم يؤت إلا بالسويق فأمر به فثري فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكلنا ثم قام إلى المغرب فمضمض ومضمضنا ثم صلى ولم يتوضأ

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب من مضمض من السويق ) قال الداودي : هو دقيق الشعير أو السلت المقلي ، وقال غيره : ويكون من القمح . وقد وصفه أعرابي فقال : عدة المسافر ، وطعام العجلان ، وبلغة المريض .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن يحيى بن سعيد ) هو الأنصاري ، والإسناد مدنيون إلا شيخ البخاري . وبشير بالموحدة والمعجمة مصغرا ، ويسار بالتحتانية والمهملة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( بالصهباء ) بفتح المهملة والمد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وهي أدنى خيبر ) أي : طرفها مما يلي المدينة . وللمصنف في الأطعمة وهي على روحة من خيبر . وقال أبو عبيد البكري في معجم البلدان : هي على بريد . وبين البخاري في موضع آخر من الأطعمة من حديث ابن عيينة أن هذه الزيادة من قول يحيى بن سعيد أدرجت ، وسيأتي الحديث قريبا بدون الزيادة من طريق سليمان بن بلال عن يحيى .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ثم دعا بالأزواد ) فيه جمع الرفقاء على الزاد في السفر ، وإن كان بعضهم أكثر أكلا ، وفيه حمل الأزواد في الأسفار ، وأن ذلك لا يقدح في التوكل ، واستنبط منه المهلب أن الإمام يأخذ المحتكرين بإخراج الطعام عند قلته ليبيعوه من أهل الحاجة ، وأن الإمام ينظر لأهل العسكر فيجمع الزاد ليصيب منه من لا زاد معه .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 374 ] قوله : ( فثري ) بضم المثلثة وتشديد الراء ويجوز تخفيفها ، أي بل بالماء لما لحقه من اليبس .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وأكلنا ) زاد في رواية سليمان " وشربنا " . وفي الجهاد من رواية عبد الوهاب " فلكنا وأكلنا وشربنا " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ثم قام إلى المغرب فمضمض ) أي : قبل الدخول في الصلاة ، وفائدة المضمضة من السويق وإن كان لا دسم له أن تحتبس بقاياه بين الأسنان ونواحي الفم فيشغله تتبعه عن أحوال الصلاة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ولم يتوضأ ) أي : بسبب أكل السويق . وقال الخطابي : فيه دليل على أن الوضوء مما مست النار منسوخ لأنه متقدم وخيبر كانت سنة سبع . قلت : لا دلالة فيه ; لأن أبا هريرة حضر بعد فتح خيبر وروى الأمر بالوضوء كما في مسلم ، وكان يفتي به بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، واستدل به البخاري على جواز صلاتين فأكثر بوضوء واحد ، وعلى استحباب المضمضة بعد الطعام .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية