الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ثم يسلم عن يمينه : السلام عليكم ورحمة الله ، وعن يساره كذلك ، فإن لم يقل : ورحمة الله لم يجزئه ، وقال القاضي : يجزئه . ونص عليه أحمد في صلاة الجنازة ، وينوي بسلامه الخروج من الصلاة ، فإن لم ينو جاز ، وقال ابن حامد : تبطل صلاته ، وإن كان في مغرب أو رباعية نهض مبكرا إذا فرغ من التشهد . وصلى الثالثة والرابعة مثل الثانية إلا أنه لا يجهر ، ولا يقرأ شيئا بعد الفاتحة ،

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( ثم يسلم ) وهو جالس بلا نزاع ، وأنه تحليلها ، وهو منها لقوله : وتحليلها التسليم وليس لها تحليل سواه ( عن يمينه ) فيقول مطلقا ، لأنه أحد طرفيها ، فاشترط له كالأول ( السلام عليكم ورحمة الله ، وعن يساره كذلك ) روي ذلك عن أبي بكر ، وعمر ، وعلي ، وعمار ، وابن مسعود لقول ابن مسعود : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسلم عن يمينه ، وعن يساره ، السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله ، حتى يرى بياض خده رواه أبو داود ، والنسائي ، والترمذي ، وقال حسن صحيح ، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين ، ومن بعدهم ، وأصح الروايات عنه عليه السلام أنها تسليمتان ، فعن سعد قال : كنت أرى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسلم عن يمينه ويساره حتى يرى [ ص: 470 ] بياض خده رواه مسلم ، ويسن التفاته فيهما ، قال أحمد : ثبت عندنا من غير وجه أنه كان عليه السلام يسلم عن يمينه ، وعن يساره حتى يرى بياض خده ، ويكون التفاته في الثانية أكثر ، قال المؤلف : لفعله عليه السلام ، رواه ابن صاعد ، وذكر ابن عقيل وابن الجوزي ، والسامري أنه يبتدئ بقوله السلام عليكم إلى القبلة ، ثم يلتفت عن يمينه ويساره في قوله : ورحمة الله جمعا بين الأحاديث ، ويجهر بالأولى ، ويسر الثانية ، نص عليه ، لتقدمها أو لحصول التحلل بها ، واختار ابن حامد ، وقدمه في " الرعاية " خلافها ، لئلا يسابقه المأموم في السلام ، أو في القيام للقضاء إن كان مسبوقا ، وظاهر كلام جماعة أنه يجهر ، وبالأولى أكثر ، وقيل : يسرهما كمأموم ، قال في " المذهب " : ومنفرد ، ويستحب حذفه ، ويجزمه ، ولا يعربه .



                                                                                                                          فرع : إذا نكس السلام مطلقا لم يجزئه ، وقيل : بلى ، وبعده المؤلف فإن نكره ، فأوجه ثالثها : يجزئ مع التنوين لإقامته مقام الألف واللام ، وقيل : تنكيره أفضل ، وفيه ضعف ( فإن لم يقل : ورحمة الله لم يجزئه ) اختاره أبو طالب ، وابن عقيل وصححه ، وقدمه في " المستوعب " و " الرعاية " لأنه عليه السلام كان يقوله ، وهو سلام في صلاة فيرد مقرونا بالرحمة ، فلم يجزئه بدونها ، كالسلام في التشهد ، فعلى هذا هي ركن ، وصححه في المذهب ( وقال القاضي : يجزئه ) قال : وهو ظاهر كلام أحمد لقوله : وتحليلها التسليم وهو حاصل بدون ذكر الرحمة ، وجعله في شرح " المحرر " دليلا للأول ، وحمله على السلام المعهود ، وفيه نظر ، وعن علي : أنه كان يسلم عن يمينه ، وعن يساره السلام عليكم ، السلام عليكم . رواه سعيد في " سننه " ولأن ذكر الرحمة تكرير للثناء ، فعلى هذا [ ص: 471 ] هي سنة ( ونص عليه أحمد في صلاة الجنازة ) من حيث إنها صلاة مفروضة ، واقتصر فيها على السلام من غير ذكر الرحمة ، لكن الفرق ظاهر ، وفي " التلخيص " و " المحرر " في وجوبها روايتان .



                                                                                                                          تتمة : إذا زاد : وبركاته فلا بأس لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - رواه أبو داود من حديث وائل ، وتركها أفضل ( وينوي بسلامه الخروج من الصلاة ) هذا الأولى لتكون النية شاملة لطرفي الصلاة ( فإن لم ينو جاز ) نص عليه ، وقدمه ابن تميم والجد ، وجزم به في " الوجيز " ونصره في " الشرح " لأن نية الصلاة قد شملت جميعها ، والسلام من جملتها ، فاكتفي فيه بالنية المستصحب حكمها ، وكتكبيرة الإحرام ، ولأنها عبادة فلم تجب النية للخروج منها كسائر العبادات ( وقال ابن حامد : تبطل صلاته ) هو رواية عن أحمد ، وصححه في المذهب ، واقتصر عليه ابن هبيرة ، لأنه أحد طرفي الصلاة ، فوجبت فيه النية كالطرف الأول ، فعلى هذا هي ركن ، وقيل : إن سها عنها سجد للسهو ، فإن نوى الخروج منها مع الحفظة ، والإمام ، والمأموم جاز ، نص عليه ، لما روى سمرة بن جندب قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نرد على الإمام ، وأن يسلم بعضنا على بعض رواه أبو داود ، وإسناده ثقات ، وقيل : تبطل للتشريك ، وقيل : يستحب ، وقال أبو حفص : السنة أن ينوي بالأولى الخروج ، وبالثانية على الحفظة ومن معه إن كان في جماعة ، وإن نوى بسلامه الحاضرين ، ولم ينو الخروج ، فقال ابن حامد : تبطل وجها واحدا لتمحضه خطاب آدمي ، والأشهر يجوز ، وعنه : لا يترك السلام على إمامه ، وإن وجبت الثانية اعتبر الخروج منها ( وإن كان في مغرب أو رباعية نهض مكبرا إذا فرغ من [ ص: 472 ] التشهد ) كنهوضه من السجود قائما على صدور قدميه كما تقدم ، وظاهره أنه لا يرفع يديه ، وحكاه بعضهم وفاقا ، وعنه : بلى ، اختاره المجد ، وحفيده ، وهي أظهر ، وقد صححه أحمد ، وغيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الخطابي : وهو قول جماعة من أهل الحديث ( وصلى الثالثة ، والرابعة مثل الثانية ) لقوله : ثم افعل ذلك في صلاتك كلها واقتضى كلامه مساواة الثالثة للرابعة في عدم التطويل ، لأنها مثلها ( إلا أنه لا يجهر ) فيهما بغير خلاف نعلمه ( ولا يقرأ شيئا بعد الفاتحة ) في قول أكثر أهل العلم ، قال ابن سيرين : لا أعلمهم يختلفون فيه لحديث أبي قتادة : أنه كان عليه السلام يقرأ في الركعتين الأخريين بأم الكتاب وكتب عمر إلى شريح يأمره بذلك ، ويستثنى الإمام في صلاة الخوف إذا قلنا : ينتظر الطائفة الثانية في الركعة الثالثة فيقرأ سورة معها ، وعنه : يستحب لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - رواه مسلم من حديث أبي سعيد ، وظاهر كلامهم لا فرق بين الفرض ، والنفل .




                                                                                                                          الخدمات العلمية