الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب بيع العبيد والحيوان بالحيوان نسيئة واشترى ابن عمر راحلة بأربعة أبعرة مضمونة عليه يوفيها صاحبها بالربذة وقال ابن عباس قد يكون البعير خيرا من البعيرين واشترى رافع بن خديج بعيرا ببعيرين فأعطاه أحدهما وقال آتيك بالآخر غدا رهوا إن شاء الله وقال ابن المسيب لا ربا في الحيوان البعير بالبعيرين والشاة بالشاتين إلى أجل وقال ابن سيرين لا بأس بعير ببعيرين نسيئة

                                                                                                                                                                                                        2115 حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال كان في السبي صفية فصارت إلى دحية الكلبي ثم صارت إلى النبي صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - اليهود ببيع أرضيهم ) كذا في رواية أبي ذر بفتح الراء وكسر الضاد المعجمة جمع أرض وهو جمع شاذ ؛ لأنه جمع جمع السلامة ولم يبق مفرده سالما ؛ لأن الراء في المفرد ساكنة وفي الجمع محركة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حين أجلاهم ) أي : من المدينة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فيه المقبري عن أبي هريرة ) يشير إلى ما أخرجه في الجهاد في " باب إخراج اليهود من جزيرة [ ص: 489 ] العرب من طريق سعيد المقبري عن أبي هريرة قال : " بينا نحن في المسجد إذ خرج علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال انطلقوا إلى اليهود - وفيه - فقال إني أريد أن أجليكم ، فمن وجد منكم بماله شيئا فليبعه " وهذه القصة وقعت لبني النضير كما سيأتي بيان ذلك في موضعه ، وكأن المصنف أخذ بيع الأرض من عموم بيع المال ، وقد تقدم في أبواب الخيار في قصة عثمان وابن عمر إطلاق المال على الأرض ، وغفل الكرماني عن الإشارة إلى هذا الحديث فقال إنما ذكر البخاري هذا الحديث بهذه الصيغة مقتضبا لكونه لم يثبت الحديث المذكور على شرطه ، والصواب أنه اكتفى هنا بالإشارة إليه لاتحاد مخرجه عنده ففر من تكرار الحديث على صورته بغير فائدة زائدة كما هو الغالب من عادته .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب بيع العبد والحيوان بالحيوان نسيئة ) التقدير بيع العبد بالعبد نسيئة والحيوان بالحيوان نسيئة وهو من عطف العام على الخاص ، وكأنه أراد بالعبد جنس من يستعبد فيدخل فيه الذكر والأنثى ولذلك ذكر قصة صفية ، أو أشار إلى إلحاق حكم الذكر بحكم الأنثى في ذلك لعدم الفرق ، قال ابن بطال : اختلفوا في ذلك فذهب الجمهور إلى الجواز ، لكن شرط مالك أن يختلف الجنس ، ومنع الكوفيون وأحمد مطلقا لحديث سمرة المخرج في السنن ورجاله ثقات إلا أنه اختلف في سماع الحسن من سمرة ، وفي الباب عن ابن عباس عند البزار والطحاوي ورجاله ثقات أيضا إلا أنه اختلف في وصله وإرساله فرجح البخاري وغير واحد إرساله ، وعن جابر عند الترمذي وغيره وإسناده لين ، وعن جابر بن سمرة عند عبد الله في زيادات المسند ، وعن ابن عمر عند الطحاوي والطبراني ، واحتج للجمهور بحديث عبد الله بن عمرو : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يجهز جيشا - وفيه - فابتاع البعير بالبعيرين بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم " أخرجه الدارقطني وغيره وإسناده قوي ، واحتج البخاري هنا بقصة صفية واستشهد بآثار الصحابة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( واشترى ابن عمر راحلة بأربعة أبعرة . . الحديث ) وصل مالك والشافعي عنه عن نافع عن ابن عمر بهذا ورواه ابن أبي شيبة من طريق أبي بشر عن نافع : " أن ابن عمر اشترى ناقة بأربعة أبعرة بالربذة [ ص: 490 ] فقال لصاحب الناقة : اذهب فانظر فإن رضيت فقد وجب البيع " وقوله : " راحلة " أي : ما أمكن ركوبه من الإبل ذكرا أو أنثى ، وقوله : " مضمونة " صفة راحلة أي : تكون في ضمان البائع حتى يوفيها أي : يسلمها للمشتري ، والربذة بفتح الراء والموحدة والمعجمة مكان معروف بين مكة والمدينة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال ابن عباس : قد يكون البعير خيرا من البعيرين ) وصله الشافعي من طريق طاوس أن ابن عباس سئل عن بعير ببعيرين فقاله .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( واشترى رافع بن خديج بعيرا ببعيرين فأعطاه أحدهما وقال : آتيك بالآخر غدا رهوا إن شاء الله ) وصله عبد الرزاق من طريق مطرف بن عبد الله عنه ، وقوله : " رهوا " بفتح الراء وسكون الهاء أي : سهلا ، والرهو السير السهل ، والمراد به هنا أن يأتيه به سريعا من غير مطل .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال ابن المسيب : لا ربا في الحيوان البعير بالبعيرين والشاة بالشاتين إلى أجل ) أما قول سعيد فوصله مالك عن ابن شهاب عنه : " لا ربا في الحيوان " ووصله ابن أبي شيبة من طريق أخرى عن الزهري عنه : " لا بأس بالبعير بالبعيرين نسيئة " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال ابن سيرين : لا بأس ببعير ببعيرين ودرهم بدرهم نسيئة ) كذا في معظم الروايات ، ووقع في بعضها ودرهم بدرهمين نسيئة وهو خطأ والصواب درهم بدرهم ، وقد وصله عبد الرزاق من طريق أيوب عنه بلفظ : " لا بأس بعير ببعيرين ودرهم بدرهم نسيئة ، فإن كان أحد البعيرين نسيئة فهو مكروه " وروى سعيد بن منصور من طريق يونس عنه أنه كان لا يرى بأسا بالحيوان بالحيوان يدا بيد أو الدراهم نسيئة ، ويكره أن تكون الدراهم نقدا والحيوان نسيئة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( كان في السبي صفية فصارت إلى دحية ثم صارت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ) كذا أورده مختصرا وأشار بذلك إلى ما وقع في بعض طرقه مما يناسب ترجمته أنه - صلى الله عليه وسلم - عوض دحية عنها بسبعة أرؤس ، وهو عند مسلم من طريق حماد بن ثابت ، وللمصنف من وجه آخر كما سيأتي " فقال لدحية خذ جارية من السبي غيرها " قال ابن بطال : ينزل تبديلها بجارية غير معينة يختارها منزلة بيع جارية بجارية نسيئة ، وسيأتي الكلام على قصة صفية هذه مستوفى في غزوة خيبر إن شاء الله تعالى .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية