الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4741 ) فصل : واختلف أصحابنا في الوصية للقاتل على ثلاثة أوجه ; فقال ابن حامد : تجوز الوصية له . واحتج بقول أحمد ، في من جرح رجلا خطأ فعفا المجروح . فقال أحمد : يعتبر من ثلثه . قال : وهذه وصية لقاتل . وهذا قول مالك ، وأبي ثور ، وابن المنذر ، وأظهر قولي الشافعي رضي الله عنه ; لأن الهبة له تصح ، فصحت الوصية له ، كالذمي وقال أبو بكر : لا تصح الوصية له ; فإن أحمد قد نص على أن المدبر إذا قتل سيده ، بطل تدبيره ، والتدبير وصية . وهذا قول الثوري ، وأصحاب الرأي ; لأن القتل يمنع الميراث الذي هو آكد من الوصية ، فالوصية أولى ، ولأن الوصية أجريت مجرى الميراث ، فيمنعها ما يمنعه . وقال أبو الخطاب : إن وصى له بعد جرحه ، صح ، وإن وصى له قبله ، ثم طرأ القتل على الوصية ، أبطلها جمعا بين نصي أحمد في الموضعين . وهو قول الحسن بن صالح . وهذا قول حسن ; لأن الوصية بعد الجرح صدرت من أهلها في محلها ، ولم يطرأ عليها ما يبطلها ، بخلاف ما إذا تقدمت ، فإن القتل طرأ عليها فأبطلها ، لأنه يبطل ما هو آكد منها ، يحققه أن القتل إنما منع الميراث ، لكونه بالقتل استعجل الميراث الذي انعقد سببه فعورض بنقيض قصده ، وهو منع الميراث ، دفعا لمفسدة قتل الموروثين ، ولذلك بطل التدبير بالقتل الطارئ عليه أيضا ، وهذا المعنى متحقق في القتل الطارئ على الوصية ، فإنه ربما استعجلها بقتله . وفارق القتل قبل الوصية ، فإنه لم يقصد به استعجال مال ، لعدم انعقاد سببه ، والموصي راض بالوصية له بعد صدور ما صدر منه في حقه ، ولا فرق بين العمد والخطأ في هذا ، كما لا يفترق الحال بذلك في الميراث ، وعلى هذا متى دبر عبده بعد جرحه إياه ، صح تدبيره .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية