الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ( 14 ) )

قوله ( إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ) [ ص: 453 ] يقول - تعالى ذكره - : إن تدعوا أيها الناس هؤلاء الآلهة التي تعبدونها من دون الله لا يسمعوا دعاءكم ; لأنها جماد لا تفهم عنكم ما تقولون ( ولو سمعوا ما استجابوا لكم ) يقول : ولو سمعوا دعاءكم إياهم ، وفهموا عنكم أنها قولكم ، بأن جعل لهم سمع يسمعون به ، ما استجابوا لكم ; لأنها ليست ناطقة ، وليس كل سامع قولا متيسرا له الجواب عنه ، يقول - تعالى ذكره - للمشركين به الآلهة والأوثان : فكيف تعبدون من دون الله من هذه صفته ، وهو لا نفع لكم عنده ، ولا قدرة له على ضركم ، وتدعون عبادة الذي بيده نفعكم وضركم ، وهو الذي خلقكم وأنعم عليكم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ) أي : ما قبلوا ذلك عنكم ، ولا نفعوكم فيه .

وقوله ( ويوم القيامة يكفرون بشرككم ) يقول - تعالى ذكره - للمشركين من عبدة الأوثان : ويوم القيامة تتبرأ آلهتكم التي تعبدونها من دون الله من أن تكون كانت لله شريكا في الدنيا .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ويوم القيامة يكفرون بشرككم ) إياهم ولا يرضون ولا يقرون به .

وقوله ( ولا ينبئك مثل خبير ) يقول - تعالى ذكره - : ولا يخبرك يا محمد عن آلهة هؤلاء المشركين وما يكون من أمرها وأمر عبدتها يوم القيامة ; من تبرئها منهم ، وكفرها بهم ، مثل ذي خبرة بأمرها وأمرهم ، وذلك الخبير هو الله الذي لا يخفى عليه شيء كان أو يكون سبحانه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل [ ص: 454 ] .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( ولا ينبئك مثل خبير ) والله هو الخبير أنه سيكون هذا منهم يوم القيامة .

التالي السابق


الخدمات العلمية