الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ( 24 ) وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير ( 25 ) ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير ( 26 ) )

يقول - جل ثناؤه - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : ( إنا أرسلناك ) يا محمد [ ص: 460 ] ( بالحق ) وهو الإيمان بالله ، وشرائع الدين التي افترضها على عباده ( بشيرا ) يقول : مبشرا بالجنة من صدقك وقبل منك ما جئت به من عند الله من النصيحة ( ونذيرا ) تنذر الناس من كذبك ورد عليك ما جئت به من عند الله من النصيحة ( وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ) يقول : وما من أمة من الأمم الدائنة بملة إلا خلا فيها من قبلك نذير ينذرهم بأسنا على كفرهم بالله .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ) كل أمة كان لها رسول .

وقوله ( وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم ) يقول - تعالى ذكره - مسليا نبيه - صلى الله عليه وسلم - فيما يلقى من مشركي قومه من التكذيب : وإن يكذبك يا محمد مشركو قومك فقد كذب الذين من قبلهم من الأمم الذين جاءتهم رسلهم بالبينات ، يقول : بحجج من الله واضحة ، وبالزبر يقول : وجاءتهم بالكتب من عند الله .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( بالبينات وبالزبر ) أي : الكتب .

وقوله ( وبالكتاب المنير ) يقول : وجاءهم من الله الكتاب المنير لمن تأمله وتدبره أنه الحق .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( وبالكتاب المنير ) يضعف الشيء وهو واحد .

وقوله ( ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير ) يقول - تعالى ذكره - : ثم أهلكنا الذين جحدوا رسالة رسلنا ، وحقيقة ما دعوهم إليه من آياتنا وأصروا على جحودهم ( فكيف كان نكير ) يقول : فانظر يا محمد كيف كان تغييري بهم وحلول عقوبتي بهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية