الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وكان المسلمون قبل الهجرة إذا حضر أحدهم الموت قسم ماله بين أهله وأقاربه ومن حضره من غيرهم كيف شاء وأحب ميراثا ووصية ، وفيه نزل قول الله تعالى : كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين [ البقرة : 180 ] واختلف أهل التفسير في قوله تعالى : آت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل [ الإسراء : 26 ] على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنهم قرابة الميت من قبل أبيه ومن قبل أمه فيما يعطيهم من ميراثه ، والمسكين وابن السبيل فيما يعطيهم من وصيته ، وهذا قول ابن عباس .

                                                                                                                                            والثاني : أنهم قرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا قول علي بن الحسن والسدي ، ثم توارث المسلمون بعد الهجرة بالإسلام والهجرة ، فكان إذا ترك المهاجر أخوين أحدهما مهاجر والآخر غير مهاجر ، كان ميراثه للمهاجر دون من لم يهاجر ، ولو ترك عما مهاجرا وأخا غير مهاجر كان ميراثه للعم دون الأخ .

                                                                                                                                            قال ابن عباس : وفي ذلك نزل قوله تعالى : إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا [ الأنفال : 72 ] . قال ابن عباس : ثم أكد الله تعالى ذلك بقوله إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير [ الأنفال : 73 ] يعني أن لا تتوارثوا بالإسلام والهجرة ، فكانوا على ذلك حتى نسخ ذلك بقوله تعالى : وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا [ الأحزاب : 6 ] يعني الوصية لمن لم يرث كان ذلك في الكتاب مسطورا [ الأحزاب : 6 ] وفيه تأويلان :

                                                                                                                                            أحدهما : كان توارثكم بالهجرة في الكتاب مسطورا .

                                                                                                                                            والثاني : كان نسخه في الكتاب مسطورا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية