الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        [ ص: 428 ] ( 3 ) باب ما يكره من الصدقة

                                                                                                                        1892 - مالك ; أنه بلغه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تحل الصدقة لآل محمد إنما هي أوساخ الناس " .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        41744 - قال أبو عمر : هذا المعنى يستند من حديث مالك ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عمر بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أنه حدثه ، أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث ; الحديث الطويل .

                                                                                                                        41745 - ولا أعلم رواه وأسنده عن مالك ، إلا جويرية بن أسماء ، وسعيد بن داود بن أبي زنبر الزنبري .

                                                                                                                        41746 - وفيه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد ، إنما هي أوساخ الناس " .

                                                                                                                        41747 - وهذا عندنا الصدقة المفروضة ; لأن عبد المطلب بن ربيعة ، والفضل بن عباس ، أرادا أن يستعملهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الصدقة ، فنهاهما علي - رضي [ ص: 429 ] الله عنه - عن سؤال رسول الله ، فلم يقبلا منه ، وردا عليه قوله ، وأتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فسألاه ، فقال لهما : " إن الصدقة أوساخ الناس ; لا تنبغي لآل محمد " وأمر لهما بما أراده من الخمس .

                                                                                                                        41748 - والحديث مذكور بتمامه في " التمهيد " .

                                                                                                                        41749 - وقد ذكرنا اختلاف العلماء في آل محمد الذين تحرم عليهم الصدقة ، في غير هذا الموضع ، وهو اختلاف متباين ، ونذكر منه هاهنا ما عليه أئمة الفتيا .

                                                                                                                        41750 - قال أبو عمر : قال مالك - رحمه الله - : لا تحل الصدقة لآل محمد ، ولا بأس أن تعطى مواليهم ، وإنما تحرم على آل محمد الصدقة المفروضة دون التطوع ، ولم يذكر من آل محمد عنده .

                                                                                                                        41751 - وقد اختلف أصحابه على ما قد ذكرناه ، في كتاب اختلافهم ; فقال الثوري - رحمه الله - : لا يأخذ موالي بني هاشم الصدقة ، ولم يفرق بين النفل والفرض .

                                                                                                                        41752 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : ذوو القربى الذين تحرم عليهم الصدقة ، فهم بنو هاشم آل العباس وآل علي ، وآل جعفر ، وآل عقيل ، وولد الحارث بن [ ص: 430 ] عبد المطلب ، وولد عبد المطلب جميعا ، ومواليهم . وإنما تحرم عليهم الصدقة الواجبة ، فأما التطوع فلا .

                                                                                                                        41753 - هذا ما ذكره الطحاوي عنهم في " مختصره " في كتاب الاختلاف .

                                                                                                                        41754 - وذكر الطبري في " تهذيب الآثار " قال : قال أبو حنيفة : الصدقة حلال لبني هاشم .

                                                                                                                        41755 - وقال أبو يوسف : لا تحل لهم الصدقة من غيرهم ، وتحل لبعضهم من بعض .

                                                                                                                        41756 - وقال الشافعي : تحرم صدقة الفرض على بني هاشم ، وبني عبد المطلب ; لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمعهم في سهم ذي القربى ، وتحل صدقة التطوع عليهم ، وعلى كل أحد إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                        41757 - قال أبو عمر : روى أبو رافع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إنا آل محمد ، لا تحل لنا الصدقة ، ومولى القوم منهم " .

                                                                                                                        41758 - وفي هذا الحديث عندي نظر ، وقد روى أبو حيان التميمي ، عن يزيد بن حيان ، عن زيد بن أرقم ، أنه قيل له : من آل محمد الذين تحرم عليهم الصدقة ؟ قال : آل علي ، وآل جعفر ، وآل عباس ، وآل عقيل .

                                                                                                                        41759 - قال أبو عمر : قول من قال : هم بنو هاشم ، من بني عبد المطلب بن [ ص: 431 ] هاشم ، وأسد بن هاشم ، وسائر بني هاشم أولى .

                                                                                                                        41760 - وحجة من قال هذا القول ، قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشا من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم " .

                                                                                                                        41761 - وقد قيل : إنهم قريش كلهم ، وهذا قول ضعيف .

                                                                                                                        41762 - وأما قوله : " أوساخ الناس " فقد بان في حديث مالك في هذا الباب :




                                                                                                                        الخدمات العلمية