الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ما كان إبراهيم يهوديا الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن جرير ، عن الشعبي قال : قالت اليهود : إبراهيم على ديننا . وقالت النصارى : هو على ديننا . فأنزل الله : ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا الآية . فأكذبهم الله وأدحض حجتهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عن الربيع ، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن مقاتل بن حيان قال : قال كعب وأصحابه ونفر من النصارى : إن إبراهيم منا، وموسى منا، والأنبياء منا ، فقال الله : ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن سالم بن عبد الله، لا أراه إلا يحدثه عن أبيه : إن زيد [ ص: 619 ] ابن عمرو بن نفيل خرج إلى الشام يسأل عن الدين ويتبعه، فلقي عالما من اليهود فسأله عن دينه وقال : إني لعلي أن أدين دينكم، فأخبرني عن دينكم . فقال له اليهودي : إنك لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله . قال زيد : ما أفر إلا من غضب الله، ولا أحمل من غضب الله شيئا أبدا، فهل تدلني على دين ليس فيه هذا؟ قال : ما أعلمه إلا أن يكون حنيفا . قال : وما الحنيف؟ قال : دين إبراهيم، لم يكن يهوديا ولا نصرانيا، وكان لا يعبد إلا الله . فخرج من عنده فلقي عالما من النصارى، فسأله عن دينه فقال : إني لعلي أن أدين دينكم، فأخبرني عن دينكم . قال : إنك لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله . قال : لا أحتمل من لعنة الله شيئا، ولا من غضب الله شيئا أبدا، فهل تدلني على دين ليس فيه هذا . فقال له نحو ما قال اليهودي : لا أعلمه إلا أن يكون حنيفا . فخرج من عندهم وقد رضي بالذي أخبراه والذي اتفقا عليه من شأن إبراهيم ، فلم يزل رافعا يديه إلى الله وقال : اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية