الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون )

                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 12 ] قوله تعالى : ( ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون )

                                                                                                                                                                                                                                            اعلم أنه سبحانه لما هجن طريقة المشركين أولا ثم ذكر التوحيد ودلائله ثانيا ، عاد إلى تهجين طريقتهم مرة أخرى وشرح حالهم في الآخرة فقال : ( ويوم يناديهم ) أي يوم القيامة فيقول : ( أين شركائي الذين كنتم تزعمون ) والمعنى : أين الذين ادعيتم إلهيتهم لتخلصكم ، أو أين قولكم تقربنا إلى الله زلفى وقد علموا أن لا إله إلا الله ، فيكون ذلك زائدا في غمهم إذا خوطبوا بهذا القول .

                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله : ( ونزعنا من كل أمة شهيدا ) فالمراد ميزنا واحدا ليشهد عليهم ، ثم قال بعضهم هم الأنبياء يشهدون بأنهم بلغوا القوم الدلائل ، وبلغوا في إيضاحها كل غاية ؛ ليعلم أن التقصير منهم فيكون ذلك زائدا في غمهم ، وقال آخرون بل هم الشهداء الذين يشهدون على الناس في كل زمان ، ويدخل في جملتهم الأنبياء وهذا أقرب ؛ لأنه تعالى عم كل أمة وكل جماعة بأن ينزع منهم الشهيد فيدخل فيه الأحوال التي لم يوجد فيها النبي وهي أزمنة الفترات ، والأزمنة التي حصلت بعد محمد -صلى الله عليه وسلم- فعلموا حينئذ أن الحق لله ولرسله ( وضل عنهم ) غاب عنهم غيبة الشيء الضائع ( ما كانوا يفترون ) من الباطل والكذب .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية