ولما كان الإخلاص لا يتأتى إلا ممن رفعه إشراق الروح عن كدورات الأجسام، وطارت به أنوارها عن حضيض ظلمات الجهل إلى عرش العرفان، فصار إذ كان الملك الديان سمعه الذي يسمع به، بمعنى أنه لا يفعل بشيء من هذه الجوارح إلا ما أمره به سبحانه يتصرف في الأكوان بإذن الفتاح العليم تكسب القلوب من ضياء أنواره ويحيى ميت الهمم بصافي أسراره، نبه سبحانه على ذلك حثا عليه
[ ص: 24 ] وتشويقا إليه بقوله ممثلا بما يفهمه العباد مخبرا عن مبتدأ محذوف تقديره: هو
nindex.php?page=treesubj&link=30291_31748_32026_34092_34163_34274_29011nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15رفيع الدرجات أي فلا يصل إلى حضرته الشماء إلا من علا في معارج العبادات ومدارج الكمالات.
ولما كنا لا نعرف ملكا إلا بغلبته على سرير الملك، وكانت درج كل ملك ما يتوصل بها إلى عرشه، أشار سبحانه بجمع القلة إلى السماوات التي هي دون عرشه سبحانه، ثم أشار إلى أن الدرج إليه لا تحصى بوجه، لأنا لو أنفقنا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر الدنيا في اصطناع درج للتوصل إلى السماء الدنيا ما وصلنا، فكيف بما فوقها فكيف وعلوه سبحانه، ليس هو بمسافة بل علو عظمة ونفوذ كلمة تنقطع دونها الآمال وتفنى الأيام والليال، والكاشف لذلك أتم كشف تعبيره في
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=1سأل بصيغة منتهى الجموع
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=3المعارج - ثم قال ممثلا لنا بما نعرف:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15ذو العرش أي الكامل الذي لا عرش في الحقيقة إلا هو، فهو محيط لجميع الأكوان ومادة لكل جماد وحيوان، وعال بجلاله وعظمه عن كل ما يخطر في الأذهان.
ولما كان الملوك يلقون أوامرهم من مراتب عظمائهم إلى من أخلصوا في ودادهم قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15يلقي الروح أي الذي تحيى به الأرواح
[ ص: 25 ] حياة الأشباح بالأرواح
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15من أمره أي من كلامه، ولا شك أن الذي يلقي ليس الكلام النفسي وإنما هو ما يدل عليه، وهو الذي يقبل النزول والتلاوة والكتابة ونحو ذلك. ولما كان أمره عاليا على كل أمر، أشار إلى ذلك بأداة الاستعلاء فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15على من يشاء ولما كان ما رأوه من الملوك لا يتمكنون من رفع كل من أرادوا من رقيقهم، نبه على عظمته بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15من عباده وأشار بذلك مع الإشارة إلى أنه مطلق الأمر لا يسوغ لأحد الاعتراض عليه، ولو اعترض كان اعتراضه أقل من أن يلتفت إليه أو يعول بحال عليه إلى توهية قولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=8أأنـزل عليه الذكر من بيننا بأنه عليه السلام المخلص في عباده لم يمل إلى شيء من أوثانهم ساعة ما ولا صرف لحظة عن الإله الحق طرفة عين، فلذلك اختصه من بينهم بهذا الروح الذي لا روح في الوجود سواه، فمن أقبل عليه وأخلص في تلاوته والعمل بما يدعو إليه والبعد عما ينهى عنه صار ذا روح موات يحيي الأموات ويزري بالنيرات. قال الرازي: قال
ابن عطاء : حياة القلب على حسب ما ألقي إليه من الروح، فمنهم من ألقي إليه روح الرسالة، ومنهم من ألقي إليه روح النبوة، ومنهم من ألقي إليه روح الصديقية والكشف والمشاهدة، ومنهم من ألقي إليه روح العلم والمعرفة، ومنهم من ألقي إليه روح العبادة
[ ص: 26 ] والخدمة، ومنهم من ألقي إليه روح الحياة فقط، ليس له علم بالله ولا مقام مع الله، فهو ميت في الباطن، وله الحياة البهيمية التي يهتدي بها إلى المعاش دون المعاد - انتهى. وبالجملة فكل من هذه الأرواح منطق لمن ألقي عليه مطلق للسانه ببديع بيانه وإن اختلف نطقهم في بيانهم، وتصرفهم في عظيم شأنهم.
ولما بين سر اختصاصه بالإرسال لهذا النبي الكريم، أتبع ذلك بما يزيده بيانا من ثمرة الإرسال فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15لينذر أي الذي اختصه سبحانه بروحه، وعبر بما يقتضيه تصنيف الناس الذي هو مقصود السورة من الاجتماع، وأزال وهم من قد يستحيل لقاه سبحانه لرفعة درجاته وسفول درجات غيره
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15يوم التلاق أي الذي لا يستحق أن يوصف بالتلاقي على الحقيقة غيره لكونه يلتقي فيه الأولون والآخرون وأهل السماوات والأرض ولا حيلة لأحد منهم في فراق غريمه بغير فصل على وجه العدل، وإلى هذا المعنى أشارت قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير بإثبات الياء في الحالين وهو واضح جدا في إفراد حزبي الأسعدين والأخسرين فإنه تلاق لا آخر له، وأشارت قراءة الجمهور بالحذف في الحالين إلى تلاقي هذين الجزأين: أحدهما بالآخر
[ ص: 27 ] فإنه - والله أعلم - قل ما يكون حتى يفترقا بالأمر بكل إلى داره: الأسعدين بغير حساب، والأخسرين لا يقام لهم وزن، وأشار الإثبات في الموقف دون الوصل إلى الأمر الوسط وهي لمن بقي لقاءهم يمتد إلى حين القصاص لبعضهم من بعض.
وَلَمَّا كَانَ الْإِخْلَاصُ لَا يَتَأَتَّى إِلَّا مِمَّنْ رَفَعَهُ إِشْرَاقُ الرُّوحِ عَنْ كَدَوْرَاتِ الْأَجْسَامِ، وَطَارَتْ بِهِ أَنْوَارُهَا عَنْ حَضِيضِ ظُلُمَاتِ الْجَهْلِ إِلَى عَرْشِ الْعِرْفَانِ، فَصَارَ إِذْ كَانَ الْمَلِكُ الدَّيَّانُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْجَوَارِحِ إِلَّا مَا أَمَرَهُ بِهِ سُبْحَانَهُ يَتَصَرَّفُ فِي الْأَكْوَانِ بِإِذْنِ الْفَتَّاحِ الْعَلِيمِ تَكْسِبُ الْقُلُوبُ مِنْ ضِيَاءِ أَنْوَارِهِ وَيَحْيَى مَيِّتُ الْهِمَمِ بِصَافِي أَسْرَارِهِ، نَبَّهَ سُبْحَانَهُ عَلَى ذَلِكَ حَثًّا عَلَيْهِ
[ ص: 24 ] وَتَشْوِيقًا إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ مُمَثِّلًا بِمَا يَفْهَمُهُ الْعِبَادُ مُخْبِرًا عَنْ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: هُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=30291_31748_32026_34092_34163_34274_29011nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ أَيْ فَلَا يَصِلُ إِلَى حَضْرَتِهِ الشَّمَّاءِ إِلَّا مَنْ عَلَا فِي مَعَارِجِ الْعِبَادَاتِ وَمَدَارِجِ الْكَمَالَاتِ.
وَلَمَّا كُنَّا لَا نَعْرِفُ مَلِكًا إِلَّا بِغَلَبَتِهِ عَلَى سَرِيرِ الْمُلْكِ، وَكَانَتْ دُرْجَ كُلِّ مَلِكٍ مَا يَتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى عَرْشِهِ، أَشَارَ سُبْحَانَهُ بِجَمْعِ الْقِلَّةِ إِلَى السَّمَاوَاتِ الَّتِي هِيَ دُونَ عَرْشِهِ سُبْحَانَهُ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَى أَنَّ الدُّرْجَ إِلَيْهِ لَا تُحْصَى بِوَجْهٍ، لِأَنَّا لَوْ أَنْفَقْنَا
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمْرَ الدُّنْيَا فِي اصْطِنَاعِ دُرْجٍ لِلتَّوَصُّلِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا مَا وَصَلَنَا، فَكَيْفَ بِمَا فَوْقَهَا فَكَيْفَ وَعُلُوُّهُ سُبْحَانَهُ، لَيْسَ هُوَ بِمَسَافَةٍ بَلْ عُلُوُّ عَظَمَةٍ وَنُفُوذِ كَلِمَةٍ تَنْقَطِعُ دُونَهَا الْآمَالُ وَتَفْنَى الْأَيَّامُ وَاللِّيَالِ، وَالْكَاشِفُ لِذَلِكَ أَتَمَّ كَشْفٍ تَعْبِيرُهُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=1سَأَلَ بِصِيغَةِ مُنْتَهَى الْجُمُوعِ
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=3الْمَعَارِجِ - ثُمَّ قَالَ مُمَثِّلًا لَنَا بِمَا نَعْرِفُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15ذُو الْعَرْشِ أَيِ الْكَامِلِ الَّذِي لَا عَرْشَ فِي الْحَقِيقَةِ إِلَّا هُوَ، فَهُوَ مُحِيطٌ لِجَمِيعِ الْأَكْوَانِ وَمَادَّةٌ لِكُلِّ جَمَادٍ وَحَيَوَانٍ، وَعَالٍ بِجَلَالِهِ وَعِظَمِهِ عَنْ كُلِّ مَا يَخْطُرُ فِي الْأَذْهَانِ.
وَلَمَّا كَانَ الْمُلُوكُ يُلْقُونَ أَوَامِرَهُمْ مِنْ مَرَاتِبِ عُظَمَائِهِمْ إِلَى مَنْ أَخْلَصُوا فِي وِدَادِهِمْ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15يُلْقِي الرُّوحَ أَيِ الَّذِي تَحْيَى بِهِ الْأَرْوَاحُ
[ ص: 25 ] حَيَاةَ الْأَشْبَاحِ بِالْأَرْوَاحِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15مِنْ أَمْرِهِ أَيْ مِنْ كَلَامِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الَّذِي يُلْقِي لَيْسَ الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ وَإِنَّمَا هُوَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ النُّزُولَ وَالتِّلَاوَةَ وَالْكِتَابَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَلَمَّا كَانَ أَمْرُهُ عَالِيًا عَلَى كُلِّ أَمْرٍ، أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ بِأَدَاةِ الِاسْتِعْلَاءِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَلَمَّا كَانَ مَا رَأَوْهُ مِنَ الْمُلُوكِ لَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ رَفْعِ كُلِّ مَنْ أَرَادُوا مِنْ رَقِيقِهِمْ، نَبَّهَ عَلَى عَظَمَتِهِ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15مِنْ عِبَادِهِ وَأَشَارَ بِذَلِكَ مَعَ الْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُ مُطْلَقُ الْأَمْرِ لَا يَسُوغُ لِأَحَدٍ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ، وَلَوِ اعْتَرَضَ كَانَ اعْتِرَاضُهُ أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَلْتَفِتَ إِلَيْهِ أَوْ يُعَوَّلَ بِحَالٍ عَلَيْهِ إِلَى تَوْهِيَةِ قَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=8أَأُنْـزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمُخْلِصُ فِي عِبَادِهِ لَمْ يَمِلْ إِلَى شَيْءٍ مِنْ أَوْثَانِهِمْ سَاعَةً مَا وَلَا صَرْفَ لَحْظَةً عَنِ الْإِلَهِ الْحَقِّ طَرْفَةَ عَيْنٍ، فَلِذَلِكَ اخْتَصَّهُ مِنْ بَيْنِهِمْ بِهَذَا الرُّوحِ الَّذِي لَا رُوحَ فِي الْوُجُودِ سِوَاهُ، فَمَنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ وَأَخْلَصَ فِي تِلَاوَتِهِ وَالْعَمَلِ بِمَا يَدْعُو إِلَيْهِ وَالْبُعْدِ عَمَّا يَنْهَى عَنْهُ صَارَ ذَا رُوحٍ مُوَاتٍ يُحْيِي الْأَمْوَاتَ وَيُزْرِي بِالنَّيِّرَاتِ. قَالَ الرَّازِيُّ: قَالَ
ابْنُ عَطَاءٍ : حَيَاةُ الْقَلْبِ عَلَى حَسَبِ مَا أُلْقِيَ إِلَيْهِ مِنَ الرُّوحِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أُلْقِيَ إِلَيْهِ رُوحُ الرِّسَالَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أُلْقِيَ إِلَيْهِ رُوحُ النُّبُوَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أُلْقِيَ إِلَيْهِ رُوحُ الصِّدِّيقِيَّةِ وَالْكَشْفِ وَالْمُشَاهَدَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أُلْقِيَ إِلَيْهِ رُوحُ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أُلْقِيَ إِلَيْهِ رُوحُ الْعِبَادَةِ
[ ص: 26 ] وَالْخِدْمَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أُلْقِيَ إِلَيْهِ رُوحُ الْحَيَاةِ فَقَطْ، لَيْسَ لَهُ عِلْمٌ بِاللَّهِ وَلَا مَقَامٌ مَعَ اللَّهِ، فَهُوَ مَيِّتٌ فِي الْبَاطِنِ، وَلَهُ الْحَيَاةُ الْبَهِيمِيَّةُ الَّتِي يَهْتَدِي بِهَا إِلَى الْمَعَاشِ دُونَ الْمَعَادِ - انْتَهَى. وَبِالْجُمْلَةِ فَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَرْوَاحِ مَنْطِقٌ لِمَنْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ مُطْلَقٌ لِلِسَانِهِ بِبَدِيعِ بَيَانِهِ وَإِنِ اخْتَلَفَ نُطْقُهُمْ فِي بَيَانِهِمْ، وَتَصَرُّفِهِمْ فِي عَظِيمِ شَأْنِهِمْ.
وَلَمَّا بَيَّنَ سِرَّ اخْتِصَاصِهِ بِالْإِرْسَالِ لِهَذَا النَّبِيِّ الْكَرِيمِ، أَتْبَعَ ذَلِكَ بِمَا يَزِيدُهُ بَيَانًا مِنْ ثَمَرَةِ الْإِرْسَالِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15لِيُنْذِرَ أَيِ الَّذِي اخْتَصَّهُ سُبْحَانَهُ بِرُوحِهِ، وَعَبَّرَ بِمَا يَقْتَضِيهِ تَصْنِيفُ النَّاسِ الَّذِي هُوَ مَقْصُودُ السُّورَةِ مِنَ الِاجْتِمَاعِ، وَأَزَالَ وَهْمَ مَنْ قَدْ يَسْتَحِيلُ لُقَاهُ سُبْحَانَهُ لِرَفْعَةِ دَرَجَاتِهِ وَسُفُولِ دَرَجَاتِ غَيْرِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=15يَوْمَ التَّلاقِ أَيِ الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُوصَفَ بِالتَّلَاقِي عَلَى الْحَقِيقَةِ غَيْرُهُ لِكَوْنِهِ يَلْتَقِي فِيهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ وَأَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا حِيلَةَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ فِي فِرَاقِ غَرِيمِهِ بِغَيْرِ فَصْلٍ عَلَى وَجْهِ الْعَدْلِ، وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى أَشَارَتْ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنِ كَثِيرٍ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ فِي الْحَالَيْنِ وَهُوَ وَاضِحٌ جِدًّا فِي إِفْرَادٍ حِزْبَيِ الْأَسْعَدِينَ وَالْأَخْسَرِينَ فَإِنَّهُ تَلَاقٍ لَا آخِرَ لَهُ، وَأَشَارَتْ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ بِالْحَذْفِ فِي الْحَالَيْنِ إِلَى تَلَاقِي هَذَيْنِ الْجُزْأَيْنِ: أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ
[ ص: 27 ] فَإِنَّهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - قَلَّ مَا يَكُونُ حَتَّى يَفْتَرِقَا بِالْأَمْرِ بِكُلٍّ إِلَى دَارِهِ: الْأَسْعَدِينَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَالْأَخْسَرِينَ لَا يُقَامُ لَهُمْ وَزْنٌ، وَأَشَارَ الْإِثْبَاتُ فِي الْمَوْقِفِ دُونَ الْوَصْلِ إِلَى الْأَمْرِ الْوَسَطِ وَهِيَ لِمَنْ بَقِيَ لِقَاءَهُمْ يَمْتَدُّ إِلَى حِينِ الْقِصَاصِ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ.