الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم انتقال من التعريض الرمزي بالوعيد الأخروي في قوله ( والله بما تعملون بصير ) ، إلى قوله ( وإليه المصير ) ، وقوله ( ويعلم ما تسرون وما تعلنون ) ، إلى تعريض أوضح منه بطريق الإيماء إلى وعيد لعذاب دنيوي وأخروي معا فأن ما يسمى في باب الكناية بالإيمان أقل لوازم من العريض والرمز فهو أقرب إلى التصريح . وهذا الإيماء بضرب المثل بحال أمم تلقوا رسلهم بمثل ما تلقى به المشركون محمدا - صلى الله عليه وسلم - تحذيرا لهم من أن يحل بهم مثل ما حل بأولئك ، فالجملة ابتدائية لأنها عد لصنف ثان من أصناف كفرهم وهو إنكار الرسالة .

فالخطاب لخصوص الفريق الكافر بقرينة قوله الذين كفروا من قبل فهذا [ ص: 268 ] الخطاب موجه للمشركين الذين حالهم كحال من لم يبلغهم نبأ الذين كفروا مثل كفرهم ، مثل عاد وثمود ومدين وقوم إبراهيم .

والاستفهام تقريري ، والتقريري يؤتى معه بالجملة منفية توسعة على المقرر إن كان يريد الإنكار حتى إذا أقر لم يستطع بعد إقراره إنكارا لأنه قد أعذر له من قبل بتلقينه النفي وقد تقدم غير مرة .

وحذف ما أضيف إليه قبل ونوي معناه ، والتقدير : ( من قبلكم ) ، أي في الكفر بقرينة قوله فمنكم كافر . والكافرون يعلمون أنهم المقصود لأنهم مقدمون على الكفر ومستمرون عليه .

والوبال : السوء وما يكره .

والأمر : الشأن والحال .

والذوق مجاز في مطلق الإحساس والوجدان ، شبه ما حل بهم من العذاب بشيء ذي طعم كريه يذوقه من حل به ويبتلعه لأن الذوق باللسان أشد من اللمس باليد أو الجلد . والمعنى : أحسوا العذاب في الدنيا إحساسا مكينا .

وقوله ( ولهم عذاب أليم ) مراد به عذاب الآخرة لأن العطف يقتضي المغايرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية