القسم الرابع
nindex.php?page=treesubj&link=28914عطف البيان وهو كالنعت في الإيضاح وإزالة الاشتراك الكائن فيه .
وشرط صاحب " الكشاف " فيه أن يكون وضوحه زائدا على وضوح متبوعه .
ورد ما قاله بأن الشرط حصول زيادة الوضوح بسبب انضمام عطف البيان مع متبوعه ; لا أن الشرط كونه أوضح وأشهر من الأول ; لأن من الجائز أن يحصل باجتماع الثاني مع الأول زيادة وضوح لا تحصل حال انفراد كل واحد منهما كما في : " خالي أبو عبد الله زيد " مع أن اللقب أشهر ; فيكون في كل واحد منهما خفاء بانفراده ويرفع بالانضمام .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : جعل " يا هذا ذا الجمة " عطف بيان ، مع أن اسم الإشارة أعرف من المضاف إلى ذي اللام .
[ ص: 42 ] وقيل : يشترط أن يكون عطف البيان معرفة ، والصحيح أنه ليس بشرط كقولك : " لبست ثوبا جبة " .
وقد أعرب
الفارسي nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35من شجرة مباركة ( النور : 36 ) وكذا
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89فكفارته إطعام عشرة مساكين ( المائدة : 89 ) وكذلك صاحب " المفتاح " في
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=51لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد ( النحل : 51 ) .
فإن قلت : ما الفرق بينه وبين الصفة ؟ قلت : عطف البيان وضع ليدل على الإيضاح باسم يختص به ، وإن استعمل في غير الإيضاح كالمدح في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=97جعل الله الكعبة البيت الحرام ( المائدة : 97 ) فإن البيت الحرام عطف بيان جيء به للمدح لا للإيضاح ، وأما الصفة فوضعت لتدل على معنى حاصل في متبوعه ، وإن كانت في بعض الصور مفيدة للإيضاح للعلم بمتبوعها من غيرها .
وكقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله ( سبأ : 46 ) وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97آيات بينات مقام إبراهيم ( آل عمران : 97 ) .
وزعم
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ( الطلاق : 6 ) أن ( من وجدكم ) عطف بيان .
وهو مردود ; فإن العامل إنما يعاد في البدل لا في عطف البيان .
فإن قلت : ما الفرق بينه وبين البدل ؟ قلت : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12940أبو جعفر النحاس : " ما علمت أحدا فرق بينهما إلا
ابن كيسان ; فإن الفرق
[ ص: 43 ] بينهما أن البدل يقرر الثاني في موضع الأول ، وكأنك لم تذكر الأول ، وعطف البيان أن تقدر أنك إن ذكرت الاسم الأول لم يعرف إلا بالثاني ، وإن ذكرت الثاني لم يعرف إلا بالأول ، فجئت بالثاني مبينا للأول قائما له مقام النعت والتوكيد .
قال : وتظهر فائدة هذا في النداء تقول : " يا أخانا زيد أقبل " على البدل ، كأنك رفعت الأول وقلت : " يا زيد أقبل " فإن أردت عطف البيان قلت : " يا أخانا زيد أقبل " .
الْقِسْمُ الرَّابِعُ
nindex.php?page=treesubj&link=28914عَطْفُ الْبَيَانِ وَهُوَ كَالنَّعْتِ فِي الْإِيضَاحِ وَإِزَالَةِ الِاشْتِرَاكِ الْكَائِنِ فِيهِ .
وَشَرَطَ صَاحِبِ " الْكَشَّافِ " فِيهِ أَنْ يَكُونَ وُضُوحُهُ زَائِدًا عَلَى وُضُوحِ مَتْبُوعِهِ .
وَرُدَّ مَا قَالَهُ بِأَنَّ الشَّرْطَ حُصُول زِيَادَةِ الْوُضُوحِ بِسَبَبِ انْضِمَامِ عَطْفِ الْبَيَانِ مَعَ مَتْبُوعِهِ ; لَا أَنَّ الشَّرْطَ كَوْنُهُ أَوْضَحَ وَأَشْهَرَ مِنَ الْأَوَّلِ ; لِأَنَّ مِنَ الْجَائِزِ أَنْ يَحْصُلَ بِاجْتِمَاعِ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ زِيَادَةُ وُضُوحٍ لَا تَحْصُلُ حَالَ انْفِرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا فِي : " خَالِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ زَيْدٌ " مَعَ أَنَّ اللَّقَبَ أَشْهَرُ ; فَيَكُونُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَفَاءٌ بِانْفِرَادِهِ وَيُرْفَعُ بِالِانْضِمَامِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : جُعِلَ " يَا هَذَا ذَا الْجَمَّةِ " عَطْفُ بَيَانٍ ، مَعَ أَنَّ اسْمَ الْإِشَارَةِ أَعْرَفُ مِنَ الْمُضَافِ إِلَى ذِي اللَّامِ .
[ ص: 42 ] وَقِيلَ : يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عَطْفُ الْبَيَانِ مَعْرِفَةً ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَقَوْلِكَ : " لَبِسْتُ ثَوْبًا جُبَّةً " .
وَقَدْ أَعْرَبَ
الْفَارِسِيُّ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ ( النُّورِ : 36 ) وَكَذَا
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ ( الْمَائِدَةِ : 89 ) وَكَذَلِكَ صَاحِبُ " الْمِفْتَاحِ " فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=51لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ ( النَّحْلِ : 51 ) .
فَإِنْ قُلْتَ : مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصِّفَةِ ؟ قُلْتُ : عَطْفُ الْبَيَانِ وُضِعَ لِيَدُلَّ عَلَى الْإِيضَاحِ بِاسْمٍ يَخْتَصُّ بِهِ ، وَإِنِ اسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ الْإِيضَاحِ كَالْمَدْحِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=97جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ ( الْمَائِدَةِ : 97 ) فَإِنَّ الْبَيْتَ الْحَرَامَ عَطْفُ بَيَانٍ جِيءَ بِهِ لِلْمَدْحِ لَا لِلْإِيضَاحِ ، وَأَمَّا الصِّفَةُ فَوُضِعَتْ لِتَدُلَّ عَلَى مَعْنًى حَاصِلٍ فِي مَتْبُوعِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ مُفِيدَةً لِلْإِيضَاحِ لِلْعِلْمِ بِمَتْبُوعِهَا مِنْ غَيْرِهَا .
وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=46إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ ( سَبَأٍ : 46 ) وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ ( آلِ عِمْرَانَ : 97 ) .
وَزَعَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ( الطَّلَاقِ : 6 ) أَنَّ ( مِنْ وُجْدِكُمْ ) عَطْفُ بَيَانٍ .
وَهُوَ مَرْدُودٌ ; فَإِنَّ الْعَامِلَ إِنَّمَا يُعَادُ فِي الْبَدَلِ لَا فِي عَطْفِ الْبَيَانِ .
فَإِنْ قُلْتَ : مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَدَلِ ؟ قُلْتُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12940أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ : " مَا عَلِمْتُ أَحَدًا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا
ابْنُ كَيْسَانَ ; فَإِنَّ الْفَرْقَ
[ ص: 43 ] بَيْنَهُمَا أَنَّ الْبَدَلَ يُقَرِّرُ الثَّانِي فِي مَوْضِعِ الْأَوَّلِ ، وَكَأَنَّكَ لَمْ تَذْكُرِ الْأَوَّلَ ، وَعَطْفُ الْبَيَانِ أَنْ تُقَدِّرَ أَنَّكَ إِنْ ذَكَرْتَ الِاسْمَ الْأَوَّلَ لَمْ يُعْرَفْ إِلَّا بِالثَّانِي ، وَإِنْ ذَكَرْتَ الثَّانِي لَمْ يُعْرَفْ إِلَّا بِالْأَوَّلِ ، فَجِئْتَ بِالثَّانِي مُبَيِّنًا لِلْأَوَّلِ قَائِمًا لَهُ مَقَامَ النَّعْتِ وَالتَّوْكِيدِ .
قَالَ : وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ هَذَا فِي النِّدَاءِ تَقُولُ : " يَا أَخَانَا زَيْدٌ أَقْبِلْ " عَلَى الْبَدَلِ ، كَأَنَّكَ رَفَعْتَ الْأَوَّلَ وَقُلْتَ : " يَا زَيْدُ أَقْبِلْ " فَإِنْ أَرَدْتَ عَطْفَ الْبَيَانِ قُلْتَ : " يَا أَخَانَا زَيْدٌ أَقْبِلْ " .