الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

في أقسام المفتونين بالصور الجميلة، وفساد تأويلاتهم الباطلة وهم أربعة أقسام:

1 - قوم يعتقدون ذلك لله؛ كالمنتسبين إلى التصوف، وكثير من الأتراك.

2 - وقوم يعلمون أن ليس هذا لله، ولكن يتسترون بذلك، وهم -من وجه- أقرب إلى المغفرة؛ لما يرجى لهم من التوبة.

والقسم الثالث: مقصودهم الفاحشة، وقد يشتد بينهما الاتصال، حتى يسمونه زواجا، ويقع لمجان الفسقة، ممن يجري هذا المجرى شيء كثير؛ كقولهم للأمرد: هو حبيب الله، والملتحي: عدو الله، وترجيح وطء المردان على نكاح النسوان.

وصنف بعضهم كتابا في هذا الباب، وقال في أثنائه: «باب: في المذهب المالكي» وذكر فيه جماع الذكور.

[ ص: 388 ] وقد علم أن مالكا من أشد الناس على فاعل ذلك؛ فإنه يجعل حد اللوطي القتل، بكرا كان أو ثيبا، كما دلت عليه النصوص، واتفق عليه أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإن اختلفوا في كيفية قتله.

وسبب ذلك أنه قد نقل عن مالك القول بجواز وطء الرجل زوجته في دبرها، وهو أيضا كذب على مالك وأصحابه، وكتبهم مصرحة بتحريمه.

ونظير هذا الظن الكاذب ظن كثير من الجهال إباحة الفاحشة لمملوك، وأنها أيسر من الفاحشة بغيره؛ لتوهم أن ذلك مراد بقوله تعالى: أو ما ملكت أيمانهم [المؤمنون: 6] حتى إن بعض النساء لتمكن عبدها من نفسها، وتتأول القرآن على ذلك؛ كما رفع إلى عمر -رضي الله عنه- امرأة تزوجت عبدها، وتأولت هذه الآية، ففرق عمر -رضي الله عنه- بينهما، وأدبها، وقال: ويحك! إنما هذا للرجال.

ومنهم من يجعل ذلك موضوع نزاع بين العلماء، ويقول: اختلافهم شبهة. ومنهم من يقول: هو مباح للضرورة.

ومنهم من بلغه خلاف العلماء في الحد عليه، فتوهم أن ذلك خلاف في التحريم، وقد تلاعب الشيطان بأكثر هذا الخلق، كتلاعب الصبيان بالكرة.

التالي السابق


الخدمات العلمية