الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4498 (53) باب فضائل عبد الله بن مسعود

                                                                                              [ 2369 ] عن علقمة، عن عبد الله قال : لما نزلت هذه الآية : ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا إلى آخر الآية [المائدة: 93] ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قيل لي : أنت منهم" .

                                                                                              رواه مسلم (2459) (109).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (53) ومن باب فضائل عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ

                                                                                              هو ابن غافل بن حبيب بن شمخ بن مازن بن مخزوم الهذلي ، يكنى : أبا عبد الرحمن ، وأمه : أم عبد بنت عبد ود الهذلية أيضا ، أسلم قديما وكان سبب إسلامه : أنه كان يرعى غنما لعقبة بن أبي معيط ، فمر به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال : " يا غلام ! هل من لبن ؟ " قال : نعم ! ولكني مؤتمن . قال : " فهل من شاة حائل لم ينز عليها الفحل ؟ " فأتيته بشاة شصوص ، فمسح ضرعها ، فنزل اللبن ، فحلب في إناء وشرب وسقى أبا بكر ، ثم قال للضرع : " اقلص " فقلص ، فقلت : يا رسول الله! [ ص: 371 ] علمني من هذا القول . فقال : " رحمك الله ! إنك غليم معلم " فأسلم ، وضمه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إليه . فكان يلج عليه ، ويلبسه نعله ، ويمشي أمامه ومعه ، ويستره إذا اغتسل ، ويوقظه إذا نام ، وقال له : " إذنك علي أن يرفع الحجاب ، وأن تسمع سوادي حتى أنهاك " ، وكان يعرف في الصحابة بصاحب السرار ، والسواد ، والسواك ، هاجر هجرتين إلى أرض الحبشة ، ثم من مكة إلى المدينة ، قاله الجوزي . وصلى القبلتين ، وشهد مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مشاهده كلها ، وكان يشبه في هديه وسمته برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وشهد له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالجنة ، وشهد له كبراء أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأنه من أعلمهم بكتاب الله قراءة وعلما ، وفضائله كثيرة .

                                                                                              توفي بالمدينة سنة ثنتين وثلاثين ، ودفن بالبقيع ، وصلى عليه عثمان ، وقيل : بل صلى عليه عمار ، وقيل : بل صلى عليه الزبير ليلا بوصيته ، ولم يعلم عثمان بذلك ، فعاتب عثمان الزبير على ذلك ، والله أعلم . روى عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثمانمائة حديث ، وثمانية وأربعين حديثا ، أخرج له منها في الصحيحين : مائة وعشرون حديثا .

                                                                                              و (قوله : لما نزلت : ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح . . . الآية [المائدة: 93] ، قد ذكرنا سبب نزول الآية ، وتكلمنا على معناها في الأشربة .

                                                                                              و (قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " قيل لي : أنت منهم ") الخطاب لابن مسعود ، أي : أوحي إلي [ ص: 372 ] أنك يا ابن مسعود من الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وهذه تزكية عظيمة ، ودرجة رفيعة ، قل من ظفر بمثلها .




                                                                                              الخدمات العلمية