الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      مسألة المعرب واقع في السنة أيضا ، ومنهم من نصب الخلاف فيه

                                                      [ ص: 35 ] كابن القشيري وغيره ، وقد بوب البخاري في صحيحه " باب من تكلم بالفارسية والرطانة ، وأسند فيه عن { أم خالد : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي ، وعلي قميص أصفر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم سنه سنه } . قال ابن المبارك : هي بالحبشية حسنة ، وفي الصحيح أيضا { ويكثر الهرج قيل : وما الهرج ؟ قال : القتل } . قال أبو موسى الأشعري : هي لغة الحبشة .

                                                      فروع على جواز النقل : الأول : النقل خلاف الأصل بمعنى أنه إذا دار اللفظ بين احتمال النقل وبقائه على الحقيقة اللغوية كان حمله على الحقيقة اللغوية أولى ، لأنه مختلف فيه والحقيقة اللغوية متفق عليها فيكون الأخذ بها أولى . الثاني : قد سبق انقسام الحقائق اللغوية المتباينة والمتواطئة [ ص: 36 ] والمترادفة والمشتركة والمشككة فهل هذه الأقسام في المنقولات الشرعية أم لا ؟ فنقول : أما المتباينة فلا شك فيها كالصلاة والصوم ، وكذلك المتواطئة كالصلاة بالنسبة إلى المفروضة والنافلة وصلاة القائم والقاعد ، والصوم بالنسبة إلى الفرض والنقل . وزعم الإمام الرازي والبيضاوي أن إطلاق الصلاة بالنسبة إلى المعنى المذكور ، وبالنسبة إلى الصلاة الأخرى وصلاة الجنازة والمومئ بالظهر ونحوه بالاشتراك اللفظي ; لأنه ليس بينهما أمر مشترك يمكن جعله مدلول اللفظ . قال الصفي الهندي : وهو ضعيف ، فإن كون الفعل واقعا بالتحرم والتحلل قدر مشترك بين تلك الصلوات فلم لا يجوز أن يكون مدلولها ؟ والأقرب أنها متواطئة بالنسبة إلى الكل ; إذ التواطؤ خير من الاشتراك . وذكر صاحب " التحصيل " نحوه . وأما المشتركة فالأشبه وقوعها أيضا فإن إطلاق الطهور على الماء والتراب وعلى ما يدفع به ليس اشتراكا معنويا ; إذ ليس بينهما معنى مشترك يصلح أن يكون مدلول اللفظ ، كذا قال الهندي ، وهو معترض بمثل ما اعترض به على الإمام في الصلاة .

                                                      [ ص: 37 ] وأما المشككة : فالأظهر أنها واقعة أيضا ، وهي كالفاسق بالنسبة إلى من فعل الكبيرة الواحدة ، وبالنسبة إلى فعل الكبائر المتعددة ، فإن تناوله للثاني بطريق الأولى . وأما المترادف : فالأظهر وقوعه أيضا خلافا للرازي كالفرض والواجب عندنا والتزويج والإنكاح والمستحب والمندوب ، هذا كله نقل في الأسماء ، وهي أيضا على قسمين : أحدهما : ما وضعه بإزاء الماهيات الجعلية كالصلاة وأمثالها . والثاني : الأسماء المتصلة بالأفعال وهي ثمانية : المصدر واسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة وأفعل التفضيل وأسماء الزمان والمكان . فاسم الفاعل كقوله : أنت طالق . واسم المفعول يستعمل في الطلاق والعتاق والوكالة ويقرب منه : أنت حرام ، وأنت حر ، وأنت علي كظهر أمي ، وأما المصدر فقد استعمل في الطلاق في قوله : أنت الطلاق وهل هو صريح أو كناية ؟ فيه خلاف ولا يبعد جريان مثله في العتق ، وفي الضمان ذكروا في صيغة : أنا ضامن وكفيل وقبيل ، وفي قبيل وجه . قال الرافعي : يطرد في الحميل . وأما الحروف فلم ينقل منها شيء ، كذا قاله الإمام والبيضاوي وغيرهما . [ ص: 38 ] والحق : أنه كالأفعال في ذلك ، فإن نقل متعلق معاني الحروف من المعاني اللغوية إلى الشرعية مستلزم لنقلها أيضا ، وفي " نعم " بحث مبني على قاعدة أن السؤال هل هو كالمعاد في الجواب ؟ وأما الأفعال فلم يوجد بطريق الأصالة ، ويوجد بطريق التبعية لمصادرها ، فإن كان المصدر شرعيا كالصلاة والزكاة كان الفعل الدال عليه شرعا كصلى وزكى ، وإن كان لغويا كان الفعل أيضا لغويا كأكثر الأفعال .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية