ولما ظهر ظهورا لا يحتمل شكا بما أتى به
موسى عليه السلام من البينات أن شكهم في رسالة الماضي وجزمهم في الحكم بنفي رسالة الآتي أعظم ضلال، وأنه من الجدال الذي لا معنى له إلا فتل المحق عما هو عليه من الحق إلى ما عليه المجادل من الضلال، وصل بذلك قوله على سبيل الاستنتاج ذما لهم بعبارة تعم غيرهم:
nindex.php?page=treesubj&link=18669_29706_30454_30549_32213_32408_33385_29011nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35الذين أي: جدال من
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35يجادلون أي: يقاتلون ويخاصمون خصاما شديدا
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35في آيات الله أي: المحيطة بأوصاف الكمال لا سيما الآيات الدالة على يوم التناد، فإنها أظهر
nindex.php?page=treesubj&link=28658_28659الآيات على وجوده سبحانه وعلى ما هو عليه من الصفات والأفعال وما يجوز عليه أو يستحيل.
ولما كان الجدال بالتي هي أحسن مشروعا، وهو بما أمر به
[ ص: 67 ] قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35بغير سلطان أي: تسليط ودليل
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35أتاهم أي: من عند من له الأمر كله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35كبر أي: عظم هو، أي: الجدال المقدر مضافا قبل
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35الذين وبين ما أبهم من هذا العظم بتمييز محول عن الفاعل، فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35مقتا عند الله أي: الملك الأعظم
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35وعند الذين آمنوا أي: الذين هم خاصته.
ولما كان فاعل هذا لا يكون إلا مظلم القلب، فكان التقدير: أولئك طبع الله على قلوبهم، وصل به استئنافا قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35كذلك أي: مثل هذا الطبع العظيم
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35يطبع أي: يختم ختما فيه العطب
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35الله [أي]: الذي له جميع العظمة
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35على كل قلب ولما كان فعل كل ذي روح إنما هو بقلبه، نسب الفعل إليه في قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر في إحدى الروايتين عنه بالتنوين فوصفه بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35متكبر أي: متكلف ما ليس له وليس لأحد غير الله،
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35جبار أي: ظاهر الكبر قويه قهار، وقراءة الباقين بالإضافة مثلها سواء في أن السور داخل القلب ليعم جميع أفراده، غير أن الوصف بالكبر والجبروت للشخص لا للقلب، وهي أبين من القراءة الشاذة بتقديم القلب على كل; لأن
[ ص: 68 ] تقديم كل نص في استغراق أفراد القلوب ممن اتصف بهذا الوصف، ومن المقطوع به أن آحاد القلوب موزعة على آحاد الأشخاص لأنه لا يكون لشخص أكثر من قلب، بخلاف ما إذا قدم القلب، فإنه قد يدعى أن الشخص الواحد، وأن السور لأجل جمعه لأنواع الكبر والجبروت، فيكون [المعنى]: على قلب شخص جامع لكل فرد من أفراد التكبر والتجبر - والله الموفق.
وَلَمَّا ظَهَرَ ظُهُورًا لَا يُحْتَمَلُ شَكًّا بِمَا أَتَى بِهِ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْبَيِّنَاتِ أَنَّ شَكَّهُمْ فِي رِسَالَةِ الْمَاضِي وَجَزْمَهُمْ فِي الْحُكْمِ بِنَفْيِ رِسَالَةِ الْآتِي أَعْظَمُ ضَلَالٍ، وَأَنَّهُ مِنَ الْجِدَالِ الَّذِي لَا مَعْنَى لَهُ إِلَّا فَتْلُ الْمُحِقِّ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ إِلَى مَا عَلَيْهِ الْمُجَادِلُ مِنَ الضَّلَالِ، وَصَّلَ بِذَلِكَ قَوْلَهُ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِنْتَاجِ ذَمًّا لَهُمْ بِعِبَارَةٍ تَعُمُّ غَيْرَهُمْ:
nindex.php?page=treesubj&link=18669_29706_30454_30549_32213_32408_33385_29011nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35الَّذِينَ أَيْ: جِدَالٌ مِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35يُجَادِلُونَ أَيْ: يُقَاتِلُونَ وَيُخَاصِمُونَ خِصَامًا شَدِيدًا
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35فِي آيَاتِ اللَّهِ أَيِ: الْمُحِيطَةِ بِأَوْصَافِ الْكَمَالِ لَا سِيَّمَا الْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى يَوْمِ التَّنَادِ، فَإِنَّهَا أَظْهَرُ
nindex.php?page=treesubj&link=28658_28659الْآيَاتِ عَلَى وُجُودِهِ سُبْحَانَهُ وَعَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ وَمَا يَجُوزُ عَلَيْهِ أَوْ يَسْتَحِيلُ.
وَلَمَّا كَانَ الْجِدَالُ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ مَشْرُوعًا، وَهُوَ بِمَا أَمَرَ بِهِ
[ ص: 67 ] قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَيْ: تَسْلِيطٍ وَدَلِيلٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35أَتَاهُمْ أَيْ: مِنْ عِنْدِ مَنْ لَهُ الْأَمْرُ كُلُّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35كَبُرَ أَيْ: عَظُمَ هُوَ، أَيِ: الْجِدَالُ الْمُقَدَّرُ مُضَافًا قَبِلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35الَّذِينَ وَبَيَّنَ مَا أَبْهَمَ مِنْ هَذَا الْعِظَمِ بِتَمْيِيزٍ مُحَوَّلٍ عَنِ الْفَاعِلِ، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَيِ: الْمَلِكِ الْأَعْظَمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا أَيِ: الَّذِينَ هُمْ خَاصَّتُهُ.
وَلَمَّا كَانَ فَاعِلُ هَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا مُظْلِمَ الْقَلْبِ، فَكَانَ التَّقْدِيرُ: أُولَئِكَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَصَلَ بِهِ اسْتِئْنَافًا قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35كَذَلِكَ أَيْ: مِثْلُ هَذَا الطَّبْعِ الْعَظِيمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35يَطْبَعُ أَيْ: يَخْتِمُ خَتْمًا فِيهِ الْعَطَبُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35اللَّهِ [أَيِ]: الَّذِي لَهُ جَمِيعُ الْعَظَمَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35عَلَى كُلِّ قَلْبِ وَلَمَّا كَانَ فِعْلُ كُلِّ ذِي رُوحٍ إِنَّمَا هُوَ بِقَلْبِهِ، نَسَبَ الْفِعْلَ إِلَيْهِ فِي قِرَاءَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أَبِي عَمْرٍو nindex.php?page=showalam&ids=16447وَابْنِ عَامِرٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ بِالتَّنْوِينِ فَوَصَفَهُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35مُتَكَبِّرٍ أَيْ: مُتَكَلِّفٌ مَا لَيْسَ لَهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ غَيْرُ اللَّهِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35جَبَّارٍ أَيْ: ظَاهِرُ الْكِبَرِ قَوِيُّهُ قَهَّارٌ، وَقِرَاءَةُ الْبَاقِينَ بِالْإِضَافَةِ مِثْلُهَا سَوَاءٌ فِي أَنَّ السُّورَ دَاخِلُ الْقَلْبِ لِيَعُمَّ جَمِيعَ أَفْرَادِهِ، غَيْرَ أَنَّ الْوَصْفَ بِالْكِبَرِ وَالْجَبَرُوتِ لِلشَّخْصِ لَا لِلْقَلْبِ، وَهِيَ أَبْيَنُ مِنَ الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ بِتَقْدِيمِ الْقَلْبِ عَلَى كُلٍّ; لِأَنَّ
[ ص: 68 ] تَقْدِيمَ كُلِّ نَصٍّ فِي اسْتِغْرَاقِ أَفْرَادِ الْقُلُوبِ مِمَّنِ اتَّصَفَ بِهَذَا الْوَصْفِ، وَمِنَ الْمَقْطُوعِ بِهِ أَنَّ آحَادَ الْقُلُوبِ مُوَزَّعَةٌ عَلَى آحَادِ الْأَشْخَاصِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ لِشَخْصٍ أَكَثُرَ مَنْ قَلْبٍ، بِخِلَافِ مَا إِذَا قُدِّمَ الْقَلْبُ، فَإِنَّهُ قَدْ يُدَّعَى أَنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ، وَأَنَّ السُّوَرَ لِأَجْلِ جَمْعِهِ لِأَنْوَاعِ الْكِبَرِ وَالْجَبَرُوتِ، فَيَكُونُ [الْمَعْنَى]: عَلَى قَلْبِ شَخْصٍ جَامِعٍ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ التَّكَبُّرِ وَالتَّجَبُّرِ - وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ.