الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 59 ] ( وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين )

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين )

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( وعادا وثمود ) أي وأهلكنا عادا وثمود لأن قوله تعالى : ( فأخذتهم الرجفة ) دل على الإهلاك ( وقد تبين لكم من مساكنهم ) الأمر وما تعتبرون منه ، ثم بين سبب ما جرى عليهم فقال : ( وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل ) فقوله : ( وزين لهم الشيطان أعمالهم ) يعني : عبادتهم لغير الله ( فصدهم عن السبيل ) يعني : عبادة الله ( وكانوا مستبصرين ) يعني بواسطة الرسل يعني فلم يكن لهم في ذلك عذر ، فإن الرسل أوضحوا السبل . ثم قال تعالى : ( وقارون وفرعون وهامان ) عطفا عليهم أي : وأهلكنا قارون وفرعون وهامان .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( ولقد جاءهم موسى بالبينات ) كما قال في عاد وثمود : ( وكانوا مستبصرين ) أي : بالرسل ، ثم قال تعالى : ( فاستكبروا ) أي : عن عبادة الله . وقوله : ( في الأرض ) إشارة إلى ما يوضح قلة عقلهم في استكبارهم ، وذلك لأن من في الأرض أضعف أقسام المكلفين ، ومن في السماء أقواهم ، ثم إن من في السماء لا يستكبر على الله وعن عبادته ، فكيف [ يستكبر ] من في الأرض . ثم قال تعالى : ( وما كانوا سابقين ) أي : ما كانوا يفوتون الله لأنا بينا في قوله تعالى : ( وما أنتم بمعجزين في الأرض ) (العنكبوت : 22 ) أن المراد أن أقطار الأرض في قبضة قدرة الله .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية