القسم السابع
nindex.php?page=treesubj&link=28914عطف أحد المترادفين على الآخر أو ما هو قريب منه في المعنى ، والقصد منه التأكيد
[ ص: 50 ] وهذا إنما يجيء عند اختلاف اللفظ ; وإنما يحسن بالواو ، ويكون في الجمل كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=34أولى لك فأولى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=35ثم أولى لك فأولى ( القيامة : 34 - 35 ) .
ويكثر في المفردات كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=146فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا ( آل عمران : 146 ) .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=112فلا يخاف ظلما ولا هضما ( طه : 112 ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=77لا تخاف دركا ولا تخشى ( طه : 77 ) .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=22ثم عبس وبسر ( المدثر : 22 ) .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=86إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ( يوسف : 86 ) .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=28لا تبقي ولا تذر ( المدثر : 28 ) .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ( النساء : 171 ) .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=107لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ( طه : 107 ) قال
الخليل : العوج والأمت بمعنى واحد .
وقيل : الأمت أن يغلظ مكان ويرق مكان ، قاله
ابن فارس في " المقاييس " ، وهو راجع لما قاله
الخليل .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=80أنا لا نسمع سرهم ونجواهم ( الزخرف : 80 ) .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ( المائدة : 48 ) .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=171إلا دعاء ونداء ( البقرة : 171 ) .
[ ص: 51 ] وفرق
الراغب بين النداء والدعاء بأن النداء قد يقال إذا قيل " يا " أو " أيا " ونحوه ، من غير أن يضم إليه الاسم ، والدعاء لا يكاد يقال إلا إذا كان معه الاسم ; نحو : " يا فلان " .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=67إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا ( الأحزاب : 67 ) .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=12وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ( الأحزاب : 12 ) .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=35لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب فإن " نصب " مثل " لغب " وزنا ومعنى ومصدرا .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=157أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ( البقرة : 157 ) على قول من فسر الصلاة بالرحمة ، والأحسن خلافه ، وأن الصلاة للاعتناء وإظهار الشرف ، كما قاله الغزالي وغيره ، وهو قدر مشترك بين الرحمة والدعاء والاستغفار ، وعلى هذا فهو من عطف المتغايرين .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=4والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك ( البقرة : 4 ) إنهم هم المذكورون أولا ، وهو من عطف الصفة على الصفة .
واعترض عليه بأن شرط عطف الصفة على الصفة تغاير الصفتين في المعنى ; تقول : " جاء زيد العالم والجواد والشجاع " أي : الجامع لهذه المعاني الثلاثة المتغايرة ، ولا تقول : " زيد العالم والعالم " فإنه تكرار ، والآية من ذلك ; لأن المعطوف عليه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=3الذين يؤمنون بالغيب ( البقرة : 3 ) والمعطوف قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=4والذين يؤمنون بما أنزل إليك ( البقرة : 4 ) ، والمنزل هو الغيب بعينه .
[ ص: 52 ] ويحتمل أن يقال : المعطوف عليه مطلق الغيب ، والمعطوف غيب خاص ، فيكون من عطف الخاص على العام .
وجعل منه بعضهم قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=25وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير ( فاطر : 25 ) فإن المراد بالكتاب المنير هو الزبور ، ونقله عن إجماع المفسرين لما تضمنه من النعت ، كما تعطف النعوت بعضها على بعض ; وهذا يرده تكرار الباء فإنه يشعر بالفصل ; لأن فائدة تكرار العامل بعد حرف العطف إشعار بقوة الفصل من الأول والثاني ، وعدم التجوز في عطف الشيء على نفسه .
والذي يظهر أنه للتأسيس ; وبيانه وجوه : أحدها : أن قوله تعالى : جاءتهم يعود الضمير فيه على المكذبين للنبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى الذين من قبلهم فيكون النبي - صلى الله عليه وسلم - داخلا في المرسلين المذكورين والكتاب المنير هو القرآن ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=26ثم أخذت الذين كفروا ( فاطر : 26 ) معطوف على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=25فقد كذب الذين من قبلهم أي : كذبوا ، ثم أخذتهم بقيام الحجة عليهم
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=25بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير ( فاطر : 25 ) وجاء تقديم قيام الحجة عليهم قبل العطف ; اعتراضا للاهتمام به ، وهو من أدق وجوه البلاغة ، ومثله في آية آل عمران قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=184فقد كذب رسل من قبلك ( آل عمران : 184 ) وقوله : ( جاءوا ) انصراف من الخطاب إلى الغيبة ، كأنه قال : " جاء هؤلاء المذكورون " فيكون النبي - صلى الله عليه وسلم - داخلا في الضمير ، وهو في موضع " جئتم بالبينات " فأقام الإخبار عن الغائب مقام المخاطب ، كقوله تعالى : ( جرين بهم )
[ ص: 53 ] ( يونس : 22 ) وفيه وجه من التعجب ; كأن المخاطب إذا استعظم الأمر رجع إلى الغيبة ; ليعم الإخبار به جميع الناس ، وهذا موجود في الآيتين .
والثاني : أن يكون على حذف مضاف ; كأنه قيل : " الكتاب المنير " يعني القرآن فيكون مثل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ( الصف : 6 ) وهذا وجه حسن .
تنبيهات الأول : أنكر
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد هذا النوع ، ومنع عطف الشيء على مثله ; إذ لا فائدة فيه ، وأول ما سبق باختلاف المعنيين ; ولعله ممن ينكر أصل الترادف في اللغة
كالعسكري وغيره .
الثاني : ما ذكرناه من تخصيص هذا النوع بالواو هو المشهور ، وقال
ابن مالك : وقد أنيبت " أو " عنها ، كما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128نشوزا أو إعراضا ( النساء : 128 )
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=112ومن يكسب خطيئة أو إثما ( النساء : 112 ) .
قال شيخنا : وفيه نظر ; لإمكان أن يراد بالخطيئة ما وقع خطأ ، وبالإثم ما وقع عمدا قلت : ويدل له قوله تعالى قبل ذلك :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=111ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه ( النساء : 111 ) .
وجعل منه بعضهم قوله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018681اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك ، سميت به نفسك ، [ ص: 54 ] أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك .
قلت : ما ذكره
ابن مالك قد سبقه به ثعلب ، فيما حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده في " المحكم " ; فقال
ثعلب في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=6عذرا أو نذرا ( المرسلات : 6 ) : العذر والنذر واحد .
قال
اللحياني وبعضهم : يثقل .
وعن
الفراء : أنه يجرى في العطف بثم ، وجعل منه قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=52ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه ( هود : 52 ) قال : معناه : وتوبوا إليه ; لأن التوبة الاستغفار .
وذكر بعضهم أنه قد تجرد عن العطف ، وجعل منه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27وغرابيب سود ( فاطر : 27 ) والغرابيب هي السود
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=20سبلا فجاجا ( نوح : 20 )
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=3الرحمن الرحيم ( الفاتحة : 3 ) وغير ذلك .
الثالث : مما يدفع وهم التكرار في مثل هذا النوع ، أن يعتقد أن مجموع المترادفين
[ ص: 55 ] يحصل معنى لا يوجد عند انفراد أحدهما ، فإن التركيب يحدث معنى زائدا ، وإذا كانت كثرة الحروف تفيد زيادة المعنى فكذلك كثرة الألفاظ .
الْقِسْمُ السَّابِعُ
nindex.php?page=treesubj&link=28914عَطْفُ أَحَدِ الْمُتَرَادِفَيْنِ عَلَى الْآخَرِ أَوْ مَا هُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ فِي الْمَعْنَى ، وَالْقَصْدُ مِنْهُ التَّأْكِيدُ
[ ص: 50 ] وَهَذَا إِنَّمَا يَجِيءُ عِنْدَ اخْتِلَافِ اللَّفْظِ ; وَإِنَّمَا يَحْسُنُ بِالْوَاوِ ، وَيَكُونُ فِي الْجُمَلِ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=34أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=35ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ( الْقِيَامَةِ : 34 - 35 ) .
وَيَكْثُرُ فِي الْمُفْرَدَاتِ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=146فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ( آلِ عِمْرَانَ : 146 ) .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=112فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ( طه : 112 ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=77لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى ( طه : 77 ) .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=22ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ( الْمُدَّثِّرِ : 22 ) .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=86إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ( يُوسُفَ : 86 ) .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=28لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ ( الْمُدَّثِّرِ : 28 ) .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ( النِّسَاءِ : 171 ) .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=107لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا ( طه : 107 ) قَالَ
الْخَلِيلُ : الْعِوَجُ وَالْأَمْتُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ .
وَقِيلَ : الْأَمْتُ أَنْ يَغْلُظَ مَكَانٌ وَيَرِقَّ مَكَانٌ ، قَالَهُ
ابْنُ فَارِسٍ فِي " الْمَقَايِيسِ " ، وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَالَهُ
الْخَلِيلُ .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=80أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ ( الزُّخْرُفِ : 80 ) .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ( الْمَائِدَةِ : 48 ) .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=171إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً ( الْبَقَرَةِ : 171 ) .
[ ص: 51 ] وَفَرَّقَ
الرَّاغِبُ بَيْنَ النِّدَاءِ وَالدُّعَاءِ بِأَنَّ النِّدَاءَ قَدْ يُقَالُ إِذَا قِيلَ " يَا " أَوْ " أَيَا " وَنَحْوَهُ ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُضَمَّ إِلَيْهِ الِاسْمَ ، وَالدُّعَاءُ لَا يَكَادُ يُقَالُ إِلَّا إِذَا كَانَ مَعَهُ الِاسْمُ ; نَحْوَ : " يَا فُلَانُ " .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=67إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا ( الْأَحْزَابِ : 67 ) .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=12وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ( الْأَحْزَابِ : 12 ) .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=35لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ فَإِنَّ " نَصَبٌ " مِثْلُ " لَغَبٍ " وَزْنًا وَمَعْنًى وَمَصْدَرًا .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=157أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ( الْبَقَرَةِ : 157 ) عَلَى قَوْلِ مَنْ فَسَّرَ الصَّلَاةَ بِالرَّحْمَةِ ، وَالْأَحْسَنُ خِلَافُهُ ، وَأَنَّ الصَّلَاةَ لِلِاعْتِنَاءِ وَإِظْهَارِ الشَّرَفِ ، كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الرَّحْمَةِ وَالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ ، وَعَلَى هَذَا فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْمُتَغَايِرَيْنِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=4وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ ( الْبَقَرَةِ : 4 ) إِنَّهُمْ هُمُ الْمَذْكُورُونَ أَوَّلًا ، وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الصِّفَةِ عَلَى الصِّفَةِ .
وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ شَرْطَ عَطْفِ الصِّفَةِ عَلَى الصِّفَةِ تَغَايُرُ الصِّفَتَيْنِ فِي الْمَعْنَى ; تَقُولُ : " جَاءَ زَيْدٌ الْعَالِمُ وَالْجَوَادُ وَالشُّجَاعُ " أَيِ : الْجَامِعُ لِهَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ الْمُتَغَايِرَةِ ، وَلَا تَقُولُ : " زَيْدٌ الْعَالِمُ وَالْعَالِمُ " فَإِنَّهُ تَكْرَارٌ ، وَالْآيَةُ مِنْ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=3الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ( الْبَقَرَةِ : 3 ) وَالْمَعْطُوفُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=4وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ ( الْبَقَرَةِ : 4 ) ، وَالْمُنْزَلُ هُوَ الْغَيْبُ بِعَيْنِهِ .
[ ص: 52 ] وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ مُطْلَقُ الْغَيْبِ ، وَالْمَعْطُوفُ غَيْبٌ خَاصٌّ ، فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ .
وَجَعَلَ مِنْهُ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=25وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ( فَاطِرٍ : 25 ) فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ هُوَ الزَّبُورُ ، وَنَقَلَهُ عَنْ إِجْمَاعِ الْمُفَسِّرِينَ لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنَ النَّعْتِ ، كَمَا تُعْطَفُ النُّعُوتُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ ; وَهَذَا يَرُدُّهُ تَكْرَارُ الْبَاءِ فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِالْفَصْلِ ; لِأَنَّ فَائِدَةَ تَكْرَارِ الْعَامِلِ بَعْدَ حَرْفِ الْعَطْفِ إِشْعَارٌ بِقُوَّةِ الْفَصْلِ مِنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي ، وَعَدَمِ التَّجَوُّزِ فِي عِطْفِ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ .
وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لِلتَّأْسِيسِ ; وَبَيَانُهُ وَجُوهٌ : أَحَدُهَا : أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : جَاءَتْهُمُ يَعُودُ الضَّمِيرُ فِيهِ عَلَى الْمُكَذِّبِينَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَيَكُونُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَاخِلًا فِي الْمُرْسَلِينَ الْمَذْكُورِينَ وَالْكِتَابُ الْمُنِيرُ هُوَ الْقُرْآنُ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=26ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا ( فَاطِرٍ : 26 ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=25فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَيْ : كَذَّبُوا ، ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ بِقِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=25بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ( فَاطِرٍ : 25 ) وَجَاءَ تَقْدِيمُ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ قَبْلَ الْعَطْفِ ; اعْتِرَاضًا لِلِاهْتِمَامِ بِهِ ، وَهُوَ مِنْ أَدَقِّ وُجُوهِ الْبَلَاغَةِ ، وَمِثْلُهُ فِي آيَةِ آلِ عِمْرَانَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=184فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ ( آلِ عِمْرَانَ : 184 ) وَقَوْلُهُ : ( جَاءُوا ) انْصِرَافٌ مِنَ الْخِطَابِ إِلَى الْغَيْبَةِ ، كَأَنَّهُ قَالَ : " جَاءَ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورُونَ " فَيَكُونُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَاخِلًا فِي الضَّمِيرِ ، وَهُوَ فِي مَوْضِعِ " جِئْتُمْ بِالْبَيِّنَاتِ " فَأَقَامَ الْإِخْبَارَ عَنِ الْغَائِبِ مَقَامَ الْمُخَاطَبِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : ( جَرَيْنَ بِهِمْ )
[ ص: 53 ] ( يُونُسَ : 22 ) وَفِيهِ وَجْهٌ مِنَ التَّعَجُّبِ ; كَأَنَّ الْمُخَاطَبَ إِذَا اسْتَعْظَمَ الْأَمْرَ رَجَعَ إِلَى الْغَيْبَةِ ; لِيَعُمَّ الْإِخْبَارُ بِهِ جَمِيعَ النَّاسِ ، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الْآيَتَيْنِ .
وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ; كَأَنَّهُ قِيلَ : " الْكِتَابِ الْمُنِيرِ " يَعْنِي الْقُرْآنَ فَيَكُونُ مِثْلَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=6وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ( الصَّفِّ : 6 ) وَهَذَا وَجْهٌ حَسَنٌ .
تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ : أَنْكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ هَذَا النَّوْعَ ، وَمَنَعَ عَطْفَ الشَّيْءِ عَلَى مِثْلِهِ ; إِذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ ، وَأَوَّلَ مَا سَبَقَ بِاخْتِلَافِ الْمَعْنَيَيْنِ ; وَلَعَلَّهُ مِمَّنْ يُنْكِرُ أَصْلَ التَّرَادُفِ فِي اللُّغَةِ
كَالْعَسْكَرِيِّ وَغَيْرِهِ .
الثَّانِي : مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَخْصِيصِ هَذَا النَّوْعِ بِالْوَاوِ هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَقَالَ
ابْنُ مَالِكٍ : وَقَدْ أُنِيبَتْ " أَوْ " عَنْهَا ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=128نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا ( النِّسَاءِ : 128 )
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=112وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ( النِّسَاءِ : 112 ) .
قَالَ شَيْخُنَا : وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِإِمْكَانِ أَنْ يُرَادَ بِالْخَطِيئَةِ مَا وَقَعَ خَطَأً ، وَبِالْإِثْمِ مَا وَقَعَ عَمْدًا قُلْتُ : وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى قَبْلَ ذَلِكَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=111وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ ( النِّسَاءِ : 111 ) .
وَجَعَلَ مِنْهُ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018681اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، [ ص: 54 ] أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ .
قُلْتُ : مَا ذَكَرَهُ
ابْنُ مَالِكٍ قَدْ سَبَقَهُ بِهِ ثَعْلَبٌ ، فِيمَا حَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13247ابْنُ سِيدَهْ فِي " الْمُحْكَمِ " ; فَقَالَ
ثَعْلَبٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=6عُذْرًا أَوْ نُذْرًا ( الْمُرْسَلَاتِ : 6 ) : الْعُذْرُ وَالنُّذْرُ وَاحِدٌ .
قَالَ
اللِّحْيَانِيُّ وَبَعْضُهُمْ : يُثَقِّلُ .
وَعَنِ
الْفَرَّاءِ : أَنَّهُ يُجْرَى فِي الْعَطْفِ بِثُمَّ ، وَجَعَلَ مِنْهُ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=52وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ( هُودٍ : 52 ) قَالَ : مَعْنَاهُ : وَتُوبُوا إِلَيْهِ ; لِأَنَّ التَّوْبَةَ الِاسْتِغْفَارُ .
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ قَدْ تَجَرَّدَ عَنِ الْعَطْفِ ، وَجَعَلَ مِنْهُ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=27وَغَرَابِيبُ سُودٌ ( فَاطِرٍ : 27 ) وَالْغَرَابِيبُ هِيَ السُّودُ
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=20سُبُلًا فِجَاجًا ( نُوحٍ : 20 )
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=3الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ( الْفَاتِحَةِ : 3 ) وَغَيْرُ ذَلِكَ .
الثَّالِثُ : مِمَّا يَدْفَعُ وَهْمَ التَّكْرَارِ فِي مِثْلِ هَذَا النَّوْعِ ، أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ مَجْمُوعَ الْمُتَرَادِفَيْنِ
[ ص: 55 ] يُحَصِّلُ مَعْنًى لَا يُوجَدُ عِنْدَ انْفِرَادِ أَحَدِهِمَا ، فَإِنَّ التَّرْكِيبَ يُحْدِثُ مَعْنًى زَائِدًا ، وَإِذَا كَانَتْ كَثْرَةُ الْحُرُوفِ تُفِيدُ زِيَادَةَ الْمَعْنَى فَكَذَلِكَ كَثْرَةُ الْأَلْفَاظِ .