الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      فصل القسم الثاني من قسمي الصلح ( الصلح على إنكار ) وذلك ( بأن يدعي ) إنسان ( عليه عينا في يده ، أو دينا في ذمته فينكره ) المدعى عليه ( أو يسكت وهو يجهله ) أي : المدعى به ( ثم يصالح على مال فيصح ) الصلح في قول أكثر العلماء لعموم ما سبق فإن قيل : قال : صلى الله عليه وسلم { إلا صلحا أحل حراما } وهذا داخل فيه ; لأنه لم يكن له أن يأخذه من مال المدعى عليه فحل بالصلح فالجواب : أنه لا يصلح دخوله فيه ولا يمكن حمل الخبر عليه لأمرين :

                                                                                                                      أحدهما : أن ما ذكرتم يوجد في الصلح بمعنى الهبة فإنه يحل للموهوب ما كان حراما الثاني : لو حل به المحرم لكان الصلح صحيحا ; لأن الصلح الفاسد لا يحل الحرام وإنما معناه ما يتوصل به إلى تناول المحرم مع بقائه على تحريمه ، نحو أن يصالح حرا على استرقاقه ( بنقد ونسيئة ) متعلق بيصح ; لأن المدعي ملجأ إلى التأخير بتأخير خصمه .

                                                                                                                      ( ويكون ) الصلح على ( المال المصالح به بيعا في حق المدعي ) ; لأنه يعتقده عوضا عن حقه فيلزمه حكم اعتقاده ( فإن وجد ) المدعي ( فيما أخذه ) من المال ( عيبا فله رده وفسخ الصلح ) أو إمساكه مع أرشه ، كما لو اشترى شيئا فوجده معيبا .

                                                                                                                      ( وإن كان ) ما أخذه المدعي عوضا عن دعواه ( شقصا مشفوعا ثبتت فيه الشفعة ) لشريك المدعى عليه ; لأنه بيع لكونه أخذه عوضا كما لو اشتراه ( ويكون ) صلح الإنكار ( إبراء في حق المنكر ; لأنه دفع إليه ) أي : المدعي ( المال [ ص: 398 ] افتداء ليمينه ، ودفعا للضرر عنه ) من التبذل والخصومة ، ولا عوضا عن حق يعتقده عليه ( فإن وجد ) المنكر ( بالمصالح عنه عيبا لم يرجع به ) أي : بما دفعه من المال ، ولا بأرشه ( على المدعي وإن كان ) ما صالح به المنكر ( شقصا لم يثبت فيه الشفعة ) لاعتقاده أنه ليس عوضا .

                                                                                                                      ( ولو دفع المدعى عليه ) المنكر ( إلى المدعي ما ادعاه أو بعضه مصالحا به ) كان المدعي فيه كالمنكر و ( لم يثبت فيه حكم البيع ولا الشفعة ) ; لأن المدعي يعتقد أنه أخذ ماله أو بعضه مسترجعا له ممن هو عنده فلم يكن بيعا كاسترجاع العين المغصوبة .

                                                                                                                      وإن ادعى على آخر وديعة أو قرضا ، أو تفريطا في وديعة أو مضاربة فأنكره واصطلحا صح ، لما تقدم .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية