الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 430 ] فارغة [ ص: 431 ] الباب السابع

                                                                                                                في قسمة الخمس والفيء

                                                                                                                قال المازري : الخمس عندنا إلى اجتهاد الإمام يأخذ منه كفايته ولو كانت جميعه ويصرف الباقي في المصالح ; لقوله عليه السلام ( ليس لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس ، والخمس مردود عليكم ) فلم يخصص جهة ، وقال ( ش ) : يقسم خمسة أسهم : سهم له عليه السلام ، ويصرفه الإمام في المصالح ، وسهم لذي القربى غنيهم وفقيرهم ، وسهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لابن السبيل وجعل للإمام التمليك كما قال في آية الزكاة ، وجوابه تقدم هناك ، وقال ( ش ) لثلاثة : لليتامى والمساكين وابن السبيل ، وسقط سهمه لموته ، وقال غيرهما : ستة ، وزاد عمارة الكعبة ؛ لما استحال الصرف إلى الله تعالى صرف لبيته ، وعندنا الإضافة إلى الله تعالى بمعنى التقرب في صرف الخمس ؛ لقوله عليه السلام ( ليس لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس ) الحديث ولم يقل : السدس ، وفي ( الكتاب ) : الخمس والفيء سواء ، يعطى من ذلك أقرباؤه عليه السلام بالاجتهاد ، ولا يخرج الفيء عن البلد إلى غير أهله إلا أن يكونوا أشد حاجة [ ص: 432 ] فينقل إليهم ما يفضل عن أهله ، ويغطي المنفوس ، ويقدم من أبوه فقير ، وكان عمر - رضي الله عنه - يفرض للمنفوس مائة درهم ، قال ابن يونس : قال ابن عباس رضي الله عنه وغيره : ذوو القربى : آله عليه السلام ، وهو الأصح ، وقيل : قريش ، قال سحنون : وليس ذلك بمحدود ، وقد سوى أبو بكر - رضي الله عنه - بين الناس ، وفضل عمر - رضي الله عنه - بسابقة الهجرة وقدر الحاجة ، وقال : إن عشت إلى قابل لألحقن أسفل الناس بأعلاهم ، وفي ( الجواهر ) : الفيء هو الخمس ، والجزية ، والخراج وما صولح عليه الحربيون ، وما يؤخذ من تجار الحرب والذمة ، وخمس الركاز ، قال ابن حبيب : الذي مضى عليه أئمة العدل : البداية بسد مخاوف المسلمين بإصلاح الحصون وآلة الحرب ، فإن فضل فلقضاتهم وعمالهم ، ومن ينتفع به المسلمون ممن يبني المساجد والقناطر وما يحتاج إليه ، ثم الفقراء فإن فضل ورأى الإمام تفرقته على الأغنياء فعل أو يحبسه لعوارض الأيام ، وفك الأسارى ، وقضاء دين ، أو معونة في عقل جراح ، أو تزويج عازب ، أو إعانة حاج ، وأرزاق من يلي مصالح المسلمين والتفرقة بقدر الحاجة ; فإن الأرزاق وضعت في العالم لسد الخلات دون المنوبات بل ادخر الله تعالى لكل عمل صالح أجره عنده ، وعليه اعتمد الصديق - رضي الله عنه - ولاحظ عمر - رضي الله عنه - أن إكرام ذوي الفضائل تبعث على الاستكثار منها ومنهم ، وروي اعتبار التفرقة بالفضائل ، وروي أن ذلك موكل إلى اجتهاد الإمام ويوفر سهم أقربائه عليه السلام لامتناعهم من الزكاة ، ويعطى العيال والذرية دون الأرقاء ، ويعطى أهل البوادي القارين والمرتحلين ، وفي ( الكتاب ) : يبدأ من الفيء أهل كل بلد افتتحت عنوة أو صلحا ، ومن أوصى بنفقة في السبيل بدأ بأهل الحاجة منهم ، ويجوز إعطاء الجوائز .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية