الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        134 - الحديث الأول : عن سهل بن سعد الساعدي قال { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ، فكبر وكبر الناس وراءه ، وهو على المنبر . ثم رفع فنزل القهقرى ، حتى سجد في أصل المنبر ، ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته . ثم أقبل على الناس ، فقال : أيها الناس ، إنما صنعت هذا لتأتموا بي ، ولتعلموا صلاتي وفي لفظ صلى عليها . ثم كبر عليها . ثم ركع وهو عليها ، فنزل القهقرى } .

                                        التالي السابق


                                        " أبو العباس " سهل بن سعد بن مالك الساعدي الأنصاري . وبنو ساعدة من الأنصار . متفق على إخراج حديثه . مات سنة إحدى وتسعين ، وهو ابن مائة سنة . وهو آخر من مات بالمدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . فيه دليل على جواز صلاة الإمام على أرفع مما عليه المأموم لقصد التعليم . [ ص: 333 ] وقد بين ذلك في لفظ الحديث . فأما من غير هذا القصد : فقد قيل بكراهته . وزاد أصحاب مالك - أو من قال منهم - فقالوا : إن قصد التكبر بطلت صلاته . ومن أراد أن يجيز هذا الارتفاع من غير قصد التعليم : فاللفظ لا يتناوله . والقياس لا يستقيم لانفراد الأصل بوصف معتبر تقتضي المناسبة اعتباره . وفيه دليل على جواز العمل اليسير في الصلاة ، لكن فيه إشكال على من حدد الكثير من العمل بثلاث خطوات . فإن منبر النبي صلى الله عليه وسلم كان ثلاث درجات . والصلاة كانت على العليا . ومن ضرورة ذلك : أن يقع ما أوقعه من الفعل على الأرض ، بعد ثلاث خطوات فأكثر ، وأقله ثلاث خطوات والذي يعتذر به عن هذا : أن يدعى عدم التوالي بين الخطوات . فإن التوالي شرط في الإبطال ، أو ينازع في كون قيام هذه الصلاة فوق الدرجة العليا . وفيه دليل على جواز إقامة الصلاة أو الجماعة لغرض التعليم ، كما صرح به في لفظ الحديث . والرواية الأخيرة : قد توهم أنه نزل في الركوع . وربما يقوى هذا باقتضاء الفاء للتعقيب ظاهرا ، لكن الرواية الأولى تبين أن النزول كان بعد القيام من الركوع . والمصير إلى الأولى أوجب . لأنها نص . ودلالة الفاء على التعقيب ظاهرة والله أعلم .




                                        الخدمات العلمية