الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 27 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون ( 22 ) من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم ( 23 ) )

وفي هذا الكلام متروك استغني بدلالة ما ذكر عما ترك ، وهو : فيقال : احشروا الذين ظلموا ، ومعنى ذلك اجمعوا الذين كفروا بالله في الدنيا وعصوه وأزواجهم وأشياعهم على ما كانوا عليه من الكفر بالله وما كانوا يعبدون من دون الله من الآلهة .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا سفيان ، عن سماك بن حرب ، عن النعمان بن بشير ، عن عمر بن الخطاب ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ) قال : ضرباءهم .

حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ) يقول : نظراءهم .

حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ) يعني : أتباعهم ، ومن أشبههم من الظلمة .

حدثنا محمد بن المثنى قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن داود قال : سألت أبا العالية ، عن قول الله : ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله ) قال : الذين ظلموا وأشياعهم .

حدثنا ابن المثنى قال : ثني عبد الأعلى قال : ثنا داود ، عن أبي العالية ، أنه قال في هذه الآية ، ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ) قال : وأشياعهم .

[ ص: 28 ] حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : ثنا ابن علية قال : ثنا داود ، عن أبي العالية مثله .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ) : أي وأشياعهم ، الكفار مع الكفار .

حدثني محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله : ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ) قال : وأشباههم .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ) قال : أزواجهم في الأعمال ، وقرأ ( وكنتم أزواجا ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون ) فالسابقون زوج وأصحاب الميمنة زوج ، وأصحاب الشمال زوج قال : كل من كان من هذا حشره الله معه . وقرأ : ( وإذا النفوس زوجت ) قال : زوجت على الأعمال ، لكل واحد من هؤلاء زوج ، زوج الله بعض هؤلاء بعضا ، زوج أصحاب اليمين أصحاب اليمين ، وأصحاب المشأمة أصحاب المشأمة ، والسابقين السابقين قال : فهذا قوله ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ) قال : أزواج الأعمال التي زوجهن الله .

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله ( وأزواجهم ) قال : أمثالهم .

وقوله ( وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم ) يقول - تعالى ذكره - : احشروا هؤلاء المشركين وآلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله ، فوجهوهم إلى طريق الجحيم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

[ ص: 29 ] ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وما كانوا يعبدون من دون الله ) الأصنام .

حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله ( فاهدوهم إلى صراط الجحيم ) يقول : وجهوهم ، وقيل : إن الجحيم الباب الرابع من أبواب النار .

التالي السابق


الخدمات العلمية