الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 31 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ( 28 ) قالوا بل لم تكونوا مؤمنين ( 29 ) وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين ( 30 ) )

يقول - تعالى ذكره - : قالت الإنس للجن : إنكم أيها الجن كنتم تأتوننا من قبل الدين والحق فتخدعوننا بأقوى الوجوه ، واليمين : القوة والقدرة في كلام العرب ، ومنه قول الشاعر :


إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين



يعني : بالقوة والقدرة .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله ( تأتوننا عن اليمين ) قال : عن الحق ، الكفار تقوله للشياطين .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ) قال : قالت الإنس للجن : إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قال : من قبل الخير ، فتنهوننا عنه ، وتبطئوننا عنه .

[ ص: 32 ] حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله ( إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ) قال : تأتوننا من قبل الحق تزينون لنا الباطل ، وتصدوننا عن الحق .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ) قال : قال بنو آدم للشياطين الذين كفروا : إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قال : تحولون بيننا وبين الخير ، ورددتمونا عن الإسلام والإيمان ، والعمل بالخير الذي أمر الله به .

وقوله ( قالوا بل لم تكونوا مؤمنين وما كان لنا عليكم من سلطان ) يقول - تعالى ذكره - : قالت الجن للإنس مجيبة لهم : بل لم تكونوا بتوحيد الله مقرين ، وكنتم للأصنام عابدين

( وما كان لنا عليكم من سلطان ) يقول : قالوا : وما كان لنا عليكم من حجة ، فنصدكم بها عن الإيمان ، ونحول بينكم من أجلها وبين اتباع الحق ( بل كنتم قوما طاغين ) يقول : قالوا لهم : بل كنتم أيها المشركون قوما طاغين على الله ، متعدين إلى ما ليس لكم التعدي إليه من معصية الله وخلاف أمره .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قال : قالت لهم الجن ( بل لم تكونوا مؤمنين ) حتى بلغ ( قوما طاغين )

حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله : ( وما كان لنا عليكم من سلطان ) قال : الحجة وفي قوله ( بل كنتم قوما طاغين ) قال : كفار ضلال .

التالي السابق


الخدمات العلمية