الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب عسب الفحل

                                                                                                                                                                                                        2164 حدثنا مسدد حدثنا عبد الوارث وإسماعيل بن إبراهيم عن علي بن الحكم عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن عسب الفحل

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب عسب الفحل ) أورد فيه حديث ابن عمر في النهي عنه ، والعسب بفتح العين وإسكان السين المهملتين وفي آخره موحدة ، ويقال له العسيب أيضا ، والفحل : الذكر من كل حيوان فرسا كان أو جملا أو تيسا أو غير ذلك ، وقد روى النسائي من حديث أبي هريرة : نهى عن عسب التيس واختلف فيه فقيل : هو ثمن ماء الفحل ، وقيل : أجرة الجماع ، وعلى الأخير جرى المصنف . ويؤيد الأول حديث جابر عند مسلم : نهى عن بيع ضراب الجمل وليس بصريح في عدم الحمل على الإجارة ؛ لأن الإجارة بيع منفعة ، ويؤيد الحمل على الإجارة لا الثمن ما تقدم عن قتادة قبل أربعة أبواب أنهم كانوا يكرهون أجر ضراب الجمل ، وقال صاحب " الأفعال " : أعسب الرجل عسيبا اكترى منه فحلا ينزيه . وعلى كل تقدير فبيعه وإجارته حرام ؛ لأنه غير متقوم ولا معلوم ولا مقدور على تسليمه ، وفي وجه للشافعية والحنابلة تجوز الإجارة مدة معلومة ، وهو قول الحسن وابن سيرين ورواية عن مالك قواها الأبهري وغيره ، وحمل النهي على ما إذا وقع لأمد مجهول ، وأما إذا استأجره مدة معلومة فلا بأس كما يجوز الاستئجار لتلقيح النخل ، وتعقب بالفرق لأن المقصود هنا ماء الفحل وصاحبه عاجز عن تسليمه بخلاف التلقيح ، ثم النهي عن الشراء والكراء ، إنما صدر لما فيه من الغرر ، وأما عارية ذلك فلا خلاف في جوازه ، فإن أهدي للمعير هدية من المستعير بغير شرط جاز . وللترمذي من حديث أنس : أن رجلا من كلاب سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عسب الفحل فنهاه ، فقال : يا رسول الله ، إنا نطرق الفحل فنكرم ، فرخص له في الكرامة ولابن حبان في صحيحه من حديث أبي كبشة مرفوعا : من أطرق فرسا فأعقب كان له كأجر سبعين فرسا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن علي بن الحكم ) هو البناني بضم الموحدة بعدها نون خفيفة بصري ثقة عند الجميع ، ولينه أبو الفتح الأزدي بلا مستند ، وليس في البخاري سوى هذا الحديث . وقد أخرج الحاكم في " المستدرك " [ ص: 540 ] هذا الحديث عن مسدد شيخ البخاري فيه ، وقال : علي بن الحكم ثقة من أعز البصريين حديثا . انتهى . وقد وهم في استدراكه ، وهو في البخاري كما ترى ، وكأنه لما لم يره في كتاب البيوع توهم أن البخاري لم يخرجه .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية