الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين

                                                                                                                                                                                                                                      إذ تقول تلوين للخطاب بتخصيصه رسول الله صلى الله عليه وسلم لتشريفه والإيذان بأن وقوع النصر كان ببشارته عليه السلام، و "إذ" ظرف ل "نصركم" قدم عليه الأمر [ ص: 80 ] بالتقوى لإظهار كمال العناية به والمراد به: الوقت الممتد الذي وقع فيه ما ذكر بعده وما طوي ذكره تعويلا على شهادة الحال مما يتعلق به وجود النصر، وصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية لاستحضار صورتها، أي: نصركم وقت قولك. للمؤمنين حين أظهروا العجز عن المقاتلة. قال الشعبي: بلغ المؤمنين أن كرز بن جابر الحنفي يريد أن يمد المشركين فشق ذلك على المؤمنين فنزل حينئذ ثم حكي ههنا. ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف الكفاية سد الخلة والقيام بالأمر والإمداد في الأصل إعطاء الشيء حالا بعد حال. قال المفضل: ما كان منه بطريق التقوية والإعانة يقال فيه: أمده يمده إمدادا، وما كان بطريق الزيادة يقال فيه: مده يمده مدا ومنه والبحر يمده من بعده سبعة أبحر . وقيل: المد في الشر كما في قوله تعالى: ويمدهم في طغيانهم يعمهون وقوله: ونمد له من العذاب مدا والإمداد في الخير كما في قوله تعالى: وأمددناكم بأموال وبنين والتعرض لعنوان الربوبية ههنا وفيما سيأتي مع الإضافة إلى ضمير المخاطبين لإظهار العناية بهم والإشعار بعلة الإمداد، والمعنى: إنكار عدم كفاية الإمداد بذلك المقدار ونفيه وكلمة "لن" للإشعار بأنهم كانوا حينئذ كالآيسين من النصر لضعفهم وقلتهم وقوة العدو وكثرتهم. من الملائكة بيان أو صفة لآلاف أو لما أضيف إليه، أي: كائنين من الملائكة. منزلين صفة لثلاثة آلاف. وقيل: حال من الملائكة، وقرئ "منزلين" بالتشديد للتكثير أو للتدريج. قيل: أمدهم الله تعالى أولا بألف ثم صاروا ثلاثة آلاف ثم خمسة آلاف، وقرئ مبنيا للفاعل من الصيغتين، أي: منزلين النصر.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية