الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 90 ] القول في تأويل قوله تعالى ( إلا من سفه نفسه )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "إلا من سفه نفسه" ، إلا من سفهت نفسه . وقد بينا فيما مضى أن معنى "السفه" ، الجهل .

فمعنى الكلام : وما يرغب عن ملة إبراهيم الحنيفية ، إلا سفيه جاهل بموضع حظ نفسه فيما ينفعها ، ويضرها في معادها ، كما : -

2085 - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : "إلا من سفه نفسه" قال : إلا من أخطأ حظه .

وإنما نصب"النفس" على معنى المفسر . ذلك أن "السفه" في الأصل للنفس ، فلما نقل إلى "من" ، نصبت"النفس" ، بمعنى التفسير . كما يقال : "هو أوسعكم دارا" ، فتدخل "الدار" في الكلام على أن السعة فيها ، لا في الرجل . فكذلك "النفس" أدخلت لأن السفه للنفس لا ل"من" . ولذلك لم يجز أن يقال : سفه أخوك . وإنما جاز أن يفسر بالنفس ، وهي مضافة إلى معرفة ، لأنها في تأويل نكرة .

وقال بعض نحويي البصرة : إن قوله : "سفه نفسه" جرت مجرى "سفه" إذا كان الفعل غير متعد ، وإنما عداه إلى "نفسه" و"رأيه" وأشباه ذلك مما هو في المعنى نحو "سفه" ، إذا هو لم يتعد . فأما "غبن" و"خسر" فقد يتعدى إلى غيره ، يقال : "غبن خمسين ، وخسر خمسين" .

التالي السابق


الخدمات العلمية