الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 607 ] بعث خالد بن الوليد لهدم العزى

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن جرير : وكان هدمها لخمس بقين من رمضان عامئذ .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن إسحاق : ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى العزى ، وكانت بيتا بنخلة يعظمه قريش وكنانة ومضر ، وكان سدنتها وحجابها من بني شيبان من بني سليم حلفاء بني هاشم ، فلما سمع حاجبها السلمي بمسير خالد بن الوليد إليها علق سيفه عليها ، ثم اشتد في الجبل الذي هي فيه وهو يقول :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أيا عز شدي شدة لا شوى لها على خالد ألقي القناع وشمري     أيا عز إن لم تقتلي المرء خالدا
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فبوئي بإثم عاجل أو تنصري

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال : فلما انتهى خالد إليها هدمها ، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد روى الواقدي وغيره أنه لما قدمها خالد لخمس بقين من رمضان فهدمها ، ورجع فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما رأيت ؟ قال : لم أر [ ص: 608 ] شيئا . فأمره بالرجوع ، فلما رجع خرجت إليه من ذلك البيت امرأة سوداء ناشرة شعرها تولول ، فعلاها بالسيف وجعل يقول :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      يا عز كفرانك لا سبحانك     إني رأيت الله قد أهانك

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم خرب ذلك البيت الذي كانت فيه ، وأخذ ما كان فيه من الأموال ، رضي الله عنه وأرضاه ، ثم رجع فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : تلك العزى ولا تعبد أبدا .


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال البيهقي : أنبأنا محمد بن أبي بكر الفقيه ، أنبأنا محمد بن أبي جعفر ، أنبأنا أحمد بن علي ، ثنا أبو كريب ، عن ابن فضيل ، عن الوليد بن جميع ، عن أبي الطفيل قال : لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة بعث خالد بن الوليد إلى نخلة ، وكانت بها العزى ، فأتاها ، وكانت على ثلاث سمرات ، فقطع السمرات وهدم البيت الذي كان عليها ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فقال : ارجع فإنك لم تصنع شيئا فرجع خالد ، فلما نظرت إليه السدنة وهم حجابها ، أمعنوا هربا في الجبل وهم يقولون : يا عزى خبليه ، يا عزى عوريه ، وإلا فموتي برغم . قال : فأتاها خالد ، فإذا امرأة عريانة ناشرة شعرها ، تحثو التراب على رأسها ووجهها ، فعممها بالسيف حتى قتلها ، ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال : تلك العزى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية