الْقِسْمُ التَّاسِعُ
nindex.php?page=treesubj&link=28914وَضْعُ الظَّاهِرِ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ لِزِيَادَةِ التَّقْرِيرِ ; وَالْعَجَبُ أَنَّ الْبَيَانِيِّينَ لَمْ يَذْكُرُوهُ فِي أَقْسَامِ الْإِطْنَابِ .
وَمِنْهُ بَيْتُ " الْكِتَابِ " :
إِذَا الْوَحْشُ ضَمَّ الْوَحْشَ فِي ظُلَلَاتِهَا سَوَاقِطُ مِنْ حَرٍّ وَقَدْ كَانَ أَظْهَرَا
[ ص: 60 ] وَلَوْ أَتَى عَلَى وَجْهِهِ لَقَالَ : " إِذَا الْوَحْشُ ضَمَّهَا " .
وَإِنَّمَا يُسْأَلُ عَنْ حِكْمَتِهِ إِذَا وَقَعَ فِي الْجُمْلَةِ الْوَاحِدَةِ ، فَإِنْ كَانَ فِي جُمْلَتَيْنِ مُسْتَقِلَّتَيْنِ كَالْبَيْتِ سَهُلَ الْأَمْرُ ، لَكِنَّ الْجُمْلَتَيْنِ فِيهِ كَالْجُمْلَةِ الْوَاحِدَةِ ; لِأَنَّ الرَّافِعَ لِلْوَحْشِ الْأَوَّلِ فِعْلٌ مَحْذُوفٌ كَمَا يَقُولُ الْبَصْرِيُّونَ ، وَالْفِعْلُ الْمَذْكُورُ سَادٌّ مَسَدَّ الْفِعْلِ الْمَحْذُوفِ حَتَّى كَأَنَّهُ هُوَ ; وَلِهَذَا لَا يَجْتَمِعَانِ ، وَإِنْ قُدِّرَ رَفْعُ الْوَحْشِ بِالِابْتِدَاءِ فَالْكَلَامُ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ .
وَيَسْهُلُ عِنْدَ اخْتِلَافِ اللَّفْظَيْنِ كَقَوْلِهِ :
إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَغْشَ الْكَرِيهَةَ أَوْشَكَتْ حِبَالُ الْهُوَيْنَى بِالْفَتَى أَنْ تَقَطَّعَا
فَاخْتِلَافُ لَفْظَيْنِ ظَاهِرَيْنِ أَشْبَهَا لَفْظَيِ الظَّاهِرِ وَالْمُضْمَرِ فِي اخْتِلَافِ اللَّفْظِ ; وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=61وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ ( التَّوْبَةِ : 61 ) ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=61وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ ( التَّوْبَةِ : 61 ) وَلَمْ يَقُلْ : " يُؤْذُونَهُ " مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّعْظِيمِ ، فَالْجَمْعُ بَيْنَ الْوَصْفَيْنِ كَقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018683نَبِيُّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( الْبَقَرَةِ : 106 ) الْآيَةَ ; فَإِنَّهُ قَدْ تَكَرَّرَ اسْمُ اللَّهِ ظَاهِرًا فِي هَذِهِ الْجُمَلِ الثَّلَاثِ ، وَلَمْ يُضْمَرْ ; لِدَلَالَتِهِ عَلَى اسْتِقْلَالِ كُلِّ جُمْلَةٍ مِنْهَا ، وَأَنَّهَا لَمْ تَحْصُلْ مُرْتَبِطَةً بِبَعْضِهَا ارْتِبَاطَ مَا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى إِضْمَارٍ .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=76وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ( النِّسَاءِ : 76 ) وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الطَّاغُوتَ هُوَ الشَّيْطَانُ ، وَحَسُنَ ذَلِكَ هُنَا تَنْبِيهًا عَلَى تَفْسِيرِهِ .
[ ص: 61 ] وَقَالَ
ابْنُ السَّيِّدِ : " إِنْ كَانَ فِي جُمْلَتَيْنِ حَسُنَ الْإِظْهَارُ وَالْإِضْمَارُ ; لِأَنَّ كُلَّ جُمْلَةٍ تَقُومُ بِنَفْسِهَا ; كَقَوْلِكَ : " جَاءَ زَيْدٌ ، وَزَيْدٌ رَجُلٌ فَاضِلٌ " وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ : " وَهُوَ رَجُلٌ فَاضِلٌ " .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=124مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ( الْأَنْعَامِ : 124 ) ، وَإِنْ كَانَ فِي جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ قَبُحَ الْإِظْهَارُ ، وَلَمْ يَكَدْ يُوجَدُ إِلَّا فِي الشِّعْرِ ، كَقَوْلِهِ :
لَا أَرَى الْمَوْتَ يَسْبِقُ الْمَوْتَ شَيْءٌ نَغَّصَ الْمَوْتُ ذَا الْغِنَى وَالْفَقِيرَا
قَالَ : وَإِذَا اقْتَرَنَ بِالِاسْمِ الثَّانِي حَرْفُ الِاسْتِفْهَامِ بِمَعْنَى التَّعْظِيمِ وَالتَّعَجُّبِ كَانَ الْمُنَاسِبُ الْإِظْهَارَ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=1الْحَاقَّةُ nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=2مَا الْحَاقَّةُ ( الْحَاقَّةِ : 1 - 2 ) وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=1الْقَارِعَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=2مَا الْقَارِعَةُ ( الْقَارِعَةِ : 1 - 2 ) وَالْإِضْمَارُ جَائِزٌ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=9فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=10وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ ( الْقَارِعَةِ : 9 ، 10 ) .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَسْمَاءِ أَنْ تَكُونَ ظَاهِرَةً ، وَأَصْلُ الْمُحَدَّثِ عَنْهُ كَذَلِكَ ، وَالْأَصْلُ أَنَّهُ إِذَا ذُكِرَ ثَانِيًا أَنْ يُذْكَرَ مُضْمَرًا لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالظَّاهِرِ السَّابِقِ ، كَمَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَسْمَاءِ الْإِعْرَابُ ، وَفِي الْأَفْعَالِ الْبِنَاءُ ، وَإِذَا جَرَى الْمُضَارِعُ مَجْرَى الِاسْمِ أُعْرِبَ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ( الْعَنْكَبُوتِ : 17 ) .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ( الشُّورَى : 40 ) .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=3فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ( النَّصْرِ : 3 )