الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ( 67 ) ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم ( 68 ) إنهم ألفوا آباءهم ضالين ( 69 ) فهم على آثارهم يهرعون ( 70 ) ) [ ص: 55 ] يقول - تعالى ذكره - : ( ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ) ثم إن لهؤلاء المشركين على ما يأكلون من هذه الشجرة - شجرة الزقوم - شوبا ، وهو الخلط من قول العرب : شاب فلان طعامه فهو يشوبه شوبا وشيابا ( من حميم ) والحميم : الماء المحموم ، وهو الذي أسخن فانتهى حره ، وأصله مفعول صرف إلى فعيل .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله ( ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ) يقول : لمزجا .

حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ) يعني : شرب الحميم على الزقوم .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ) قال : مزاجا من حميم .

حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن السدي ( ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ) قال : الشوب : الخلط ، وهو المزج .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ) قال : حميم يشاب لهم بغساق مما تغسق أعينهم ، وصديد من قيحهم ودمائهم مما يخرج من أجسادهم .

وقوله ( ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم ) يقول - تعالى ذكره - : ثم إن مآبهم [ ص: 56 ] ومصيرهم لإلى الجحيم .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم ) فهم في عناء وعذاب من نار جهنم ، وتلا هذه الآية : ( يطوفون بينها وبين حميم آن )

حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله ( ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم ) قال : في قراءة عبد الله : " ثم إن منقلبهم لإلى الجحيم " وكان عبد الله يقول : والذي نفسي بيده ، لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة ، وأهل النار في النار ، ثم قال : ( أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا )

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله ( ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم ) قال : موتهم .

وقوله ( إنهم ألفوا آباءهم ضالين ) يقول : إن هؤلاء المشركين - الذين إذا قيل لهم : قولوا لا إله إلا الله يستكبرون - وجدوا آباءهم ضلالا عن قصد السبيل ، غير سالكين محجة الحق .

( فهم على آثارهم يهرعون ) يقول : فهؤلاء يسرع بهم في طريقهم ، ليقتفوا آثارهم وسنتهم . يقال منه : أهرع فلان : إذا سار سيرا حثيثا ، فيه شبه بالرعدة .

[ ص: 57 ] وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله ( إنهم ألفوا آباءهم ضالين ) أي وجدوا آباءهم .

حدثنا بشر ، قال ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( إنهم ألفوا آباءهم ) : أي وجدوا آباءهم .

وبنحو الذي قلنا في " يهرعون " - أيضا - قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله ( فهم على آثارهم يهرعون ) قال : كهيئة الهرولة .

حدثنا بشر ، قال ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( فهم على آثارهم يهرعون ) : أي يسرعون إسراعا في ذلك .

حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله ( يهرعون ) قال : يسرعون .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، فى قوله ( يهرعون إليه ) قال : يستعجلون إليه

التالي السابق


الخدمات العلمية