الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: الذين يذكرون الله ؛ هذا من نعت " أولي الألباب؛ أي: فهؤلاء يستدلون على توحيد الله - عز وجل - بخلق السماوات والأرض؛ وأنهم يذكرون الله في جميع أحوالهم؛ قياما وقعودا وعلى جنوبهم ؛ معناه: ومضطجعين؛ وصلح في اللغة أن يعطف ب " على " ؛ على " قياما وقعودا " ؛ لأن معناه ينبئ عن حال من أحوال تصرف الإنسان؛ تقول: " أنا أسير [ ص: 499 ] إلى زيد ماشيا وعلى الخيل " ؛ المعنى: " ماشيا وراكبا؛ فهؤلاء المستدلون على حقيقة توحيد الله يذكرون الله في سائر هذه الأحوال؛ وقد قال بعضهم: " يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم " ؛ أي: يصلون على جميع هذه الأحوال؛ على قدر إمكانهم في صحتهم؛ وسقمهم؛ وحقيقته عندي - والله أعلم - أنهم موحدون الله في كل حال؛ ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ؛ فيكون ذلك أزيد في بصيرتهم؛ لأن فكرتهم تريهم عظيم شأنهما؛ فيكون تعظيمهم لله على حسب ما يقفون عليه من آثار رحمته. وقوله - عز وجل -: ربنا ما خلقت هذا باطلا ؛ معناه: " يقولون ربنا ما خلقت هذا باطلا " ؛ أي: خلقته دليلا عليك؛ وعلى صدق ما أتت به أنبياؤك؛ لأن الأنبياء تأتي بما يعجز عنه المخلوقون؛ فهو كالسماوات والأرض في الدليل على توحيد الله؛ سبحانك ؛ معناه: براءة لك من السوء؛ وتنزيها لك من أن تكون خلقتهما باطلا؛ فقنا عذاب النار ؛ أي: فقد صدقنا رسلك وأن لك جنة؛ ونارا؛ فقنا عذاب النار؛

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية