الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى : وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وقال تعالى : وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله وقال تعالى : من يطع الرسول فقد أطاع الله وقال تعالى : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما فأكد جل وعلا بهذه الآيات وجوب طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبان أن طاعته طاعة الله ، وأفاد بذلك أن معصيته معصية الله ؛ وقال الله تعالى : فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم فأوعد على مخالفة أمر الرسول ، وجعل مخالف أمر الرسول والممتنع من تسليم ما جاء به والشاك فيه خارجا من الإيمان [ ص: 181 ] بقوله تعالى : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما قيل في الحرج ههنا إنه الشك ، روي ذلك عن مجاهد .

وأصل الحرج الضيق ، وجائز أن يكون المراد التسليم من غير شك في وجوب تسليمه ولا ضيق صدر به بل بانشراح صدر وبصيرة ويقين . وفي هذه الآية دلالة على أن من رد شيئا من أوامر الله تعالى أو أوامر رسوله صلى الله عليه وسلم فهو خارج من الإسلام سواء رده من جهة الشك فيه أو من جهة ترك القبول والامتناع من التسليم ، وذلك يوجب صحة ما ذهب إليه الصحابة في حكمهم بارتداد من امتنع من أداء الزكاة وقتلهم وسبي ذراريهم ؛ لأن الله تعالى حكم بأن من لم يسلم للنبي صلى الله عليه وسلم قضاءه وحكمه فليس من أهل الإيمان .

فإن قيل : إذا كانت طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم طاعة الله تعالى فهلا كان أمر الرسول أمر الله تعالى قيل له : إنما كانت طاعته طاعة الله بموافقتها إرادة كل واحد منهما أوامره ، وأما الأمر فهو قول القائل " افعل " ولا يجوز أن يكون أمرا واحدا لآمرين كما لا يكون فيه قول واحد من قائلين ولا فعل واحد من فاعلين .

التالي السابق


الخدمات العلمية