الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 233 ] ( باب كفالة العبد وعنه ) ( ومن ضمن عن عبد مالا لا يجب عليه حتى يعتق ولم يسم حالا ولا غيره فهو حال ) لأن المال حال عليه لوجود السبب وقبول الذمة ، إلا أنه لا يطالب لعسرته ، إذ جميع ما في يده ملك المولى ولم يرض بتعلقه به والكفيل غير معسر ، فصار كما إذا كفل عن غائب أو مفلس ، [ ص: 234 ] بخلاف الدين المؤجل لأنه متأخر بمؤخر ، ثم إذا أدى رجع على العبد بعد العتق لأن الطالب لا يرجع عليه إلا بعد العتق ، فكذا الكفيل لقيامه مقامه .

[ ص: 233 ]

التالي السابق


[ ص: 233 ] باب كفالة العبد وعنه )

أخر ما يتعلق به لتأخره بالرد بالرق ( قوله ومن ضمن عن عبد مالا ) موصوفا بكونه ( لا يجب على العبد حتى يعتق ) كأن أقر باستهلاك مال وكذبه المولى أو أقرضه إنسان أو باعه وهو محجور فإنه لا يجب عليه إلا بعد عتقه ، وكذا إذا أودع شيئا فاستهلكه أو وطئ امرأة بشبهة بغير إذن المولى ، بخلاف ما لو كان استهلاكه للمال معاينا معلوما فإنه يؤخذ به في الحال ، فإذا كفل رجل عن العبد بالمال الذي لا يجب عليه إلا بعد الحرية من غير أن يشرط في الكفالة تأجيلا ( و ) هذا هو المراد بقوله ( لم يذكر حلولا ولا غيره لزم ) الكفيل ( حالا لأن المال حال على العبد لوجود السبب وقبول الذمة ) وعدم الأجل ، وكيف والعتق لا يصلح أجلا لجهالة وقت وقوعه وقد لا يقع أصلا ( و ) إنما ( لا يطالب به لعسرته ، إذ جميع ما في يده ملك المولى لم يرض بتعلقه به ) أي بتعلق الدين بملكه .

( والكفيل غير معسر ) فالمانع الذي تحقق في الأصيل منتف من الكفيل مع وجود المقتضي وهو الكفالة المطلقة بمال غير مؤجل فيطالب به في الحال ( فصار كما لو كفل عن مفلس أو غائب ) يلزمه في الحال مع أن الأصيل لا يلزمه ، [ ص: 234 ] وهذا أحسن في حلول هذه الكفالة ، بخلاف وجه تأخير الدين إلى العتق وهو العسرة وعدم رضا المولى ، فإنه لو ثم لزم تأخير دين الاستهلاك المعاين لعسرته وعدم رضا المولى ، بل الوجه عدم نفاذ تصرف غير المولى في حقه بما يضره : أعني تصرف المقرض والبائع للعبد ولم يرض بإيداع المودع عند عبده ولا بتمكين المرأة ، وعدم نفاذ قول العبد في حق المولى إذا كان يكذبه ، بخلاف الاستهلاك المعاين فإنه ليس فيه أحدهما فينفذ في حقه دفعا لضرر لم يتسبب فيه على نفسه فيجب الدين في الحال فيؤخذ من كسبه إن كان له كسب والاتباع رقبته فيه إلا أن يفديه المولى ، هذا هو المرجح في قول محمد في العبد الذي يستهلك المال الذي لا يجب حتى يعتق ( بخلاف الدين المؤجل لأنه متأخر بمؤخر ) صحيح ، ولو كان كفل بدين الاستهلاك المعاين ينبغي أن يرجع قبل العتق إذا أدى لأنه دين غير مؤخر إلى العتق فيطالب السيد بتسليم رقبته أو القضاء عنه ، وبحث أهل الدرس هل المعتبر في هذا الرجوع الأمر بالكفالة من العبد أو السيد ؟ وقوي عندي كون المعتبر أمر السيد لأن الرجوع في الحقيقة عليه .




الخدمات العلمية