الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي الفتح : لو وقف المرتد فقتل أو مات أو ارتد المسلم بطل وقفه ، ولا يصح وقف مسلم أو ذمي على بيعة أو حربي قيل أو مجوسي ، وجاز على ذمي لأنه قربة حتى لو قال على أن من أسلم من ولده أو انتقل إلى غير النصرانية فلا شيء له [ ص: 343 ] لزم شرطه على المذهب

التالي السابق


مطلب في وقف المرتد والكافر ( قوله : فقتل أو مات ) أما إن أسلم صح كما في البحر ( قوله أو ارتد المسلم بطل وقفه ) ويصير ميراثا سواء قتل على ردته أو مات أو عاد إلى الإسلام إلا إن أعاد الوقف بعد عوده إلى الإسلام ، ويصح وقف المرتدة لأنها لا تقتل بحر وفي هذه المسألة الاغتفار في الابتداء لا في البقاء عكس القاعدة ، فإن الردة المقارنة للوقف لا تبطله بل يتوقف ، بخلاف الطارئة فإنها تبطله بتا ا هـ ط وسيأتي تمام الكلام على ذلك قبيل الفصل الآتي ( قوله : ولا يصح وقف مسلم أو ذمي على بيعة ) أما في المسلم فلعدم كونه قربة في ذاته ، وأما في الذمي فلعدم كونه قربة عندنا وعنده كما مر أفاده ح . لكن هذا إذا لم يجعل آخره للفقراء لما في الفتح : لو وقف أي الذمي على بيعة مثلا فإذا خربت يكون للفقراء كان للفقراء ابتداء ، ولو لم يجعل آخره للفقراء كان ميراثا عنه نص عليه الخصاف في وقفه ولم يحك فيه خلافا ا هـ ومثله في الإسعاف ، ويظهر منه أن في عبارة البحر سقطا حيث قال : ولو وقف على بيعة فإذا خربت كان للفقراء لم يصح وكان ميراثا لأنه ليس بقربة عندنا . ا هـ .

قلت : وينبغي أن يصح وقفا على الفقراء مطلقا على قول أبي يوسف المفتى به ، وهو عدم اشتراط التصريح بالتأبيد كما مر ويأتي ، إلا أن يجاب بأن التقييد بالبيعة ينافي التأبيد كما قدمناه قريبا فتأمل ( قوله : أو حربي ) لأنا قد نهينا عن برهم ط ( قوله : قيل أو مجوسي ) أشار إلى أن الصحيح صحة الوقف عليه ابتداء ، كما اختاره في القنية . وفي الإسعاف لووقف نصراني مثلا على مساكين أهل الذمة جاز صرفها لمساكين اليهود والمجوس لكونهم من أهل الذمة ، ولو عين مساكين أهل دينه تعينوا ، ولو صرفها القيم إلى غيرهم ضمن وإن كان أهل الذمة ملة واحدة لتعين الوقف بمن يعينه الواقف . [ ص: 343 ] مطلب شرائط الواقف معتبرة إذا لم تخالف الشرع .

( قوله : على المذهب ) فيه رد على الطرسوسي ، حيث شنع على الخصاف ، بأنه جعل الكفر سبب الاستحقاق والإسلام سبب الحرمان قال في الفتح : ولا نعلم أحدا من أهل المذهب تعقب الخصاف غيره ، وهذه للبعد من الفقه ، فإن شرائط الواقف معتبرة إذا لم تخالف الشرع وهو مالك ، فله أن يجعل ماله حيث شاء ما لم يكن معصية وله أن يخص صنفا من الفقراء ولو كان الوضع في كلهم قربة ، ولا شك أن التصدق على أهل الذمة قربة حتى جاز أن يدفع إليهم صدقة الفطر والكفارات عندنا فكيف لا يعتبر شرطه في صنف دون صنف من الفقراء ؟ أرأيت لو وقف على فقراء أهل الذمة ولم يذكر غيرهم أليس يحرم منه فقراء المسلمين ، ولو دفع المتولي إلى المسلمين ضمن فهذا مثله والإسلام ليس سببا للحرمان بل الحرمان لعدم تحقق سبب تملكه لهذا المال وهو إعطاء الواقف المالك . ا هـ . .




الخدمات العلمية