الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما أخبر أنها للمحسنين إلى الغير؛ ومن قاربهم؛ أخبر أنها لمن دونهم في الرتبة؛ من التائبين المحسنين إلى أنفسهم؛ استجلابا لمن رجع عن "أحد"؛ من المنافقين؛ ولغيرهم من العاصين؛ فقال: والذين إذا فعلوا ؛ أي: باشروا عن علم؛ أو جهل فعله؛ فاحشة ؛ أي: من السيئات الكبار؛ أو ظلموا أنفسهم ؛ أي: بأي نوع كان من الذنوب؛ لتصير الفاحشة موعودا بغفرانها بالخصوص؛ وبالعموم؛ ذكروا الله ؛ أي: بما له من كمال العظمة؛ فاستحيوه؛ وخافوه؛ فاستغفروا ؛ الله؛ أي: فطلبوا المغفرة بالتوبة؛ بشرطها؛ لذنوبهم ؛ أي: فإنه يغفر لهم؛ [ ص: 75 ] لأنه غفار لمن تاب.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان هذا مفهما لأنه (تعالى) يغفر كل ذنب؛ أتبعه تحقيق ذلك؛ ونفى القدرة عليه عن غيره؛ لأن المخلوق لا يمضي غفرانه لذنب إلا إذا كان مما شرع الله غفرانه؛ فكان لا غافر في الحقيقة إلا الله؛ قال - مرغبا في الإقبال عليه؛ بالاعتراض بين المتعاطفين -: ومن يغفر الذنوب ؛ أي: يمحو آثارها؛ حتى لا تذكر؛ ولا يجازى عليها؛ إلا الله ؛ أي: الملك الأعلى؛ ولما كان - سبحانه وتعالى - قد تفضل برفع القلم عن الغافل؛ قال: ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ؛ أي: أنهم على ذنب.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية